التكرار يفيد التنصيص على حصر المستعان به ؛ لو اقتصرنا على ضمير واحد (إياك نعبد ونستعين) لم يعني المستعان إنما عني المعبود فقط ولو اقتصرنا على ضمير واحد لفهم من ذلك انه لا يتقرب إليه إلا بالجمع بين العبادة والاستعانة بمعنى انه لا يُعبد بدون استعانة ولا يُستعان به بدون عبادة. يفهم من الاستعانة مع العبادة مجموعة تربط الاستعانة بالعبادة وهذا غير وارد وإنما هو سبحانه نعبده على وجه الاستقلال ونستعين به على وجه الاستقلال وقد يجتمعان لذا وجب التكرار في الضمير إياك نعبد وإياك نستعين. التكرار توكيد في اللغة، في التكرار من القوة والتوكيد للاستعانة فيما ليس في الحذف.
إياك نعبد وإياك نستعين : أطلق سبحانه فعل الاستعانة ولم يحدد نستعين على شيء أو نستعين على طاعة أو غيره، إنما أطلقها لتشمل كل شيء وليست محددة بأمر واحد من أمور الدنيا. وتشمل كل شيء يريد الإنسان أن يستعين بربه لان الاستعانة غير مقيدة بأمر محدد. وقد عبر سبحانه عن الاستعانة والعبادة بلفظ ضمير الجمع (نعبد ونستعين) وليس بالتعبير المفرد أعبد وأستعين وفي هذا إشارة إلى أهمية الجماعة في الإسلام لذا تلزم قراءة هذه السورة في الصلاة وتلزم أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين مرة، وفيها دليل على أهمية الجماعة عامة في الإسلام مثل الحج وصلاة الجماعة، الزكاة، الجهاد، الأعياد والصيام. إضافة إلى أن المؤمنين إخوة فلو قال إياك اعبد لأغفل عبادة إخوته المؤمنين وإنما عندما نقول ( إياك نعبد ) نذكر كل المؤمنين ويدخل القائل في زمرة المؤمنين أيضاً.
لماذا قرن العبادة بالاستعانة؟