(مأواكم النار) الكلام الآن بالذات مع المنافقين النار مولاكم عامة ومأواكم النار المأوى هو دار الإقامة أو الملجأ المكان الذي تأوون إليه أو الملجأ، والمولى هي التي تتولى أمركم، النار تتولى أمرهم. ذكر أمرين: يأتيهم الشر من جهتين من المأوى والمولى فقد يكون المأوى سيئاً لكن المولى حسن وقد يكون العكس أنا هؤلاء فالنار مأواهم ومولاهم. يحتمل أن يكون المولى من الوليّ أي القرب (أولى لك فأولى) أي مكانكم عن قرب والمعنيان مرادان فهي تتولى أمرهم وهي مكانهم عن قرب ولم يرد في جهنم (هي مولاكم) إلا في هذا الموطن وذلك لسببين السبب الأول أنه ذكر في الآية أن المنافقين تربصوا وغرتهم الأماني حتى الموت فبعد طول الأمل والتربص الطويل كانت النار أقرب إليهم فهم كانوا يستبعجونها وهي أقرب وأدنى من آمالهم. والسبب الآخر أن كل الآيات التي ورد فيها (وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢) آل عمران) ونحوها إنما قيلت وهم في الدنيا والدنيا لا تزال غير منقضية وأما هذا القول فإنه قيل وهم في الآخرة وقد ضرب السور بينهم وبين المؤمنين وأتاهم العذاب من قبله فالنار قريبة منهم فقال (هي مولاكم).
(وبئس المصير) هذه أنسب خاتمة لهم فقد كانوا في ترقبهم وأمانيهم ينتظرون المصير السن والمستقبل المشرق فكانت لهم الظلمة والمصير الأسوأ.
إن هذه الآيات يتجلى فيها إكرام المؤمنين وإبعاد النصب عنهم بخلاف المنافقين فإنها يتجلى فيها إرهاقهم وإهانتهم والتهكم بهم فقد قال في المؤمنين: (هذا الجزء منقول من كتاب الدكتور فاضل السامرائي على طريق التفسير البياني الجزء الأول من صفحة ٢٦٢ إلى صفحة ٢٦٦ للفائدة)
١ ـ (يسعى نورهم): ولم يقل (يمشي نورهم) للدلالة على الإسراع بهم إلى الجنة، وهذا إكرام فإن الإبطاء إلى السعادة ليس كالإسراع إليها، وفي الإسراع ما فيه من الإكرام.