فما هي دلالة كلمة (مقعد) ولماذا لم يستعمل كلمة (مقام)؟ لأن الأكرم هو القعود وهو يدل على الانتهاء من القيام والراحة، وقد ورد في القرآن الكريم ( مقام آمين ) كلها ذكر مقام الربّ يذكر الخوف (ولمن خاف مقام ربه جنتان) فكلمة (مقام) تعني معه الخوف، فمن خاف المقام يؤمن كما أنهم خافوا مقام ربهم في الدنيا أمّنهم في الآخرة (في جنات ونهَر في مقعد صدق عند مليك مقتدر).
واستعمل كلمة (مليك) من الملك وهو الحكم ولم يقل مالك من التملك والملِك ليس مالكاً. الله تعالى جمع لنفسه التملك والملك (قل اللهم مالك الملك). الفرق بين مليك وملك: هذه الآية الوحيدة التي وردت فيها كلمة (مليك)، في القرآن المَلَك على صيغة فَعَل، أما (مليك) على صفة فعيل. وصيغة فعل تختلف عن صيغة فعيل بالدلالة فصيغة فعل تدل على الأعراض وتدلّ على الأشياء الطارئة مثال: صبرة، رجل غمَش، أما فعيل فتدل على الثبوت مثل جميل وصغير وقصير وهي صفة مشبهة أي صفات ثابتة أو تدل على التحول إلى الثبوت فلا يُسمّى الخطيب خطيباً من أول خطبة بل بعد عدة خطب. كما يقال فَقِه المسألة فهو فقِه ويقال فَقُه الرجل أي صار فقيهاً، وكذلك نقول عَسَر الأمر فهو عَسِر ؛ وعسُر الأمر فهو عسير. وبما أن المقعد في الآية (في مقعد صدق) ورد في مقام الإستمرارية وجب قول مليك مقتدر (عند مليك مقتدر)
واستخدام كلمة مقتدر تفيد المبالغة في القدرة وتماشت مع سياق الآية لأنها تشمل مبالغة في الوصف والجزاء والطاعة والأجر والسعة ولذا اقتضى المبالغة في القدرة.
ما دلالة كلمة (ميسرة) في قوله تعالى في سورة البقرة (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٢٨٠﴾)؟