قال تعالى في سورة الأنعام (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴿١٣٥﴾) وسورة الزمر (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٣٩﴾) وقال في سورة هود (وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ﴿٩٣﴾) وعلينا أن نلاحظ القائل في كلا الآيتين ففي آية سورة الأنعام الله تعالى هو الذي أمر رسوله بالتبليغ ؛ أمره أن يبلغ الناس كلام ربه وهذا تهديد لهم ؛ فأصل التأديب من الله تعالى أما في آية سورة هود فهي جاءت في شعيب وليس فيها أمر تبليغ من الله تعالى فالتهديد إذن أقل في آية سورة هود ولهذا فقد جاء بالفاء في (فسوف تعلمون) في الآية التي فيها التهديد من الله للتوكيد ولما كان التهديد من شعيب حذف الفاء (سوف تعلمون) لأن التهديد أقل.
وفي القرآن الكريم أمثلة أخرى على استخدام وحذف الفاء الدالة على التوكيد كما في قوله تعالى في سورة البقرة (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٢٦٢﴾) وفي آية أخرى (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٢٧٤﴾) فالآية الثانية جاء فيها بالفاء لأن الذين ينفقون هم ينفقون ليلاً ونهاراً وسراً وعلانية فهي تحتاج لتوكيد أكبر من الأولى الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله.