١٩٢- ما الفرق من الناحية البيانية بين قوله (ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا) سورة المائدة آية ٢ وقوله (ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا) سورة المائدة آية ٨؟ لماذا جاءت مرة (على أن) ومرة (أن) ؟
قال تعالى في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿٢﴾) وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴿٨﴾) المحذوف في الآية الأولى (على) وهو من الحذف الجائز ويسموه نزع الخافض بوجود أن ومعلوم الحرف وهذا جائز نحوياً. والسؤال هو لماذا حُذف الحرف (على) في الآية الأولى وذُكر في الثانية؟ إذا كان الحرف متعيّن يكون الذكر آكد من الحذف وإذا لم يكن متعيّناً ( أي له عدة معاني) يكون من باب التوسع في المعنى. وإذا نظرنا إلى الآيتين السابقتين نجد أن الثانية آكد من الأولى لأن الحرف ذُكر والآية الأولى نزلت في حادثة واحدة حصلت وانتهت وهي تخص قريش عندما صدوا المسلمين عن المسجد الحرام أما الآية الثانية فهي عامة وهي محكمة إلى يوم القيامة وهي الأمر بالعدل إلى يوم القيامة ثم إن الآية الأولى تدخل في الثانية لأن العدوان هو الظلم