قال تعالى في سورة يس (وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾) وقال في سورة القصص (وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴿٢٠﴾). هل قوله تعالى (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى) بمعنى (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى)؟ من حيث الدلالة اللغوية أصل المجيء مختلف بين الآيتين نقول مثلاً : جاء من القرية رجل بمعنى أن مجيئه كان قطعياً من القرية وهذا تعبير قطعي أما إذا قلنا :"جاء رجل من القرية" فهذا تعبير احتمالي قد يكون جاء من القرية أو يكون رجلاً قروياً ولم يجيء من القرية كأن نقول :"جاء رجل من سوريا" فهذا لا يعني بالضرورة أنه جاء من سوريا ولكن قد تعني أنه سوري. وإذا قلنا :"جاء رجل من أقصى المدينة يسعى" تحتمل أن يكون من سكان أقصى المدينة وتحتمل أن مجيئه كان من أقصى المدينة. وفي سورة يس (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) تعني أنه جاء قطعياً من أقصى المدينة لأن مجيء صاحب يس كان لإبلاغ الدعوة لأن الرسل في السورة قالوا (وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ ﴿١٧﴾) والبلاغ المبين : هو البلاغ الواضح الذي يعمّ الجميع فمجيء الرجل من أقصى المدينة تفيد أن الدعوة بلغت الجميع وبلغت أقصى المدينة ليتناسب مع البلاغ المبين. أما في سورة القصص في قصة موسى - عليه السلام - (التعبير احتمالي) فالرجل جاء من أقصى المدينة للإسرار لموسى - عليه السلام -.
٢٠٢- ما دلالة تقديم الإنس على الجان في آية سورة الرحمن (لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان)؟


الصفحة التالية
Icon