ثانياً: هناك فرق بين الآيتين (فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) في آية سورة البقرة أما في سورة المائدة (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) المذكورين في الآيتين هم نفسهم (الذين آمنوا، الذين هادوا، النصارى، الصابئين) فلماذا جاء في سورة البقرة (فلهم أجرهم عند ربهم) ولم تأتي في سورة المائدة؟ في سورة المائدة السياق كما قلنا في ذمّ عقائد اليهود والنصارى ذمّاً كثيراً مسهباً. أما في سورة البقرة فالكلام عن اليهود فقط وليس النصارى ونستعرض آيات السورتين وننظر كيف تكلم عن اليهود في الآيتين: في سورة المائدة الكلام على اليهود أشدّ مما جاء في البقرة حتى لما يذكر العقوبات يذكرها في المائدة (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ﴿٦٠﴾) أكثر من البقرة (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴿٦٥﴾) وسياق الغضب في المائدة على معتقدات النصارى واليهود أشدّ وما ذكرهم في المائدة إلا بمعاصيهم فاقتضى السياق أن يكون زيادة الخير والرحمة في المكان الذي يكون الغضب فيه أقل (في سورة البقرة) وجو الرحمة ومفردات الرحمة وتوزيعها في سورة البقرة أكثر مما جاء في سورة المائدة ولم تُجمع القردة والخنازير إلا في سورة المائدة.