٤. ولا هم يحزنون: بتقديم (هم) الذين يحزن غيرهم وليس هم. نفي الفعل عن النفس ولكنه إثبات الفعل لشخص آخر كأن نقول (ما أنا ضربته) نفيته عن نفسي وأثبتّ وجود شخص آخر ضربه (يُسمّى التقديم للقصر) أما عندما نقول (ما ضربته) يعني لا أنا ولا غيري. نفى الحزن عنهم وأثبت أن غيرهم يحزن (أهل الضلال في حزن دائم). ولم يقل " لا خوف عليهم ولا حزن لهم " لأنها لا تفيد التخصيص (نفى عنهم الحزن ولم يثبته لغيرهم) ولو قال ولا لهم حزن لانتفى التخصيص على الجنس أصلاً ولا ينفي التجدد وقوله تعالى (لا خوف ٌ عليهم ولا هم يحزنون) لا يمكن أن يؤدي إلى حزن فنفى الخوف المتجدد والثابت ونفى الحزن المتجدد (ولا هم يحزنون) بمعنى لا يخافون ؛ والثابت (لا خوف) ولا يمكن لعبارة أخرى أن تؤدي هذا المعنى المطلوب.
٥. لماذا إذن لم يقل (لا عليهم خوف) ولماذا لم يقدم هنا؟ لأنه لا يصح المعنى ولو قالها لكان معناها أنه نفى الخوف عنهم وأثبت أن الخوف على غيرهم ؛ يعني يخاف على الكفار لكن من الذي يخاف على الكفار. لذا لا يصح أن يقال "لا عليهم خوف "كما قال ( ولا هم يحزنون ).
٦. لماذا قال (لا خوفٌ ) ولم يقل " لا خوفَ عليهم " (مبنية على الفتح)؟ لا خوفَ: لا النافية للجنس تفيد التنصيص في نفي الجنس (لا رجلَ هنا معناها نفينا الجنس كله) أما (لا خوفٌ) عندما تأتي بالرفع يحتمل نفي الجنس ونفي الواحد. والسياق عيّن أنه لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون من باب المدح على سبيل الإستغراق وفي مقام المدح. وفي قراءة أخرى (خوفَ ) - قراءة يعقوب -. الرفع أفاد معنيين لا يمكن أن يفيدها البناء على الفتح، (لا خوفٌ عليهم ) يفيد دلالتين :