السماء، سيكون البحث والنظر والتدبر للعلم سيجعله يصعد للسماء وحتى عند ذلك لن يكون معجزاً. وهذا الذي يجعل الإنسان ينفذ إلى السماء. ثم إن كلمة (السماء) نفسها لم ترد في سورة الشورى أبداً لكنها وردت في سورة العنكبوت ٣ مرات وفي سورة هود مرتين وبهذا فإن سورة العنكبوت هي التي ورد فيها ذكر السماء أكثر من السورتين الباقيتين ولهذا ذُكرت (السماء) في آية سورة العنكبوت ولم تُذكر في آية سورة الشورى أو آية سورة هود. فالسمة التعبيرية للسورة أنه سوف تصعدون إلى السماء لكنكم لا تكونوا معجزين هناك.
٢٥٩- ما دلالة ظاهرة تذكير الفاعل المؤنث في القرآن الكريم كما جاء في قوله تعالى (ولا تكونوا كالذين جاءهم البيّنات) و(وما كان صلاتهم) و(يا نساء النبي من يقنت منكن)؟
تذكير الفاعل المؤنث له أكثر من سبب وأكثر من خط في القرآن الكريم. فإذا قصدنا باللفظ المؤنّث معنى المذكّر جاز تذكيره وهو ما يُعرف بالحمل على المعنى. وقد جاء في قوله تعالى عن الضلالة (فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠) الأعراف) وقوله تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦) النحل). ونرى أنه في كل مرة يذكر فيها (الضلالة) بالتذكير تكون (الضلالة) بمعنى العذاب لأن الكلام في الآخرة (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) الأعراف) وليس في الآخرة ضلالة بمعناها لأن الأمور كلها تنكشف في الآخرة. وعندما تكون (الضلالة) بالتأنيث يكون الكلام في الدنيا فلمّا كانت الضلالة بمعناها هي يؤنّث الفعل.


الصفحة التالية
Icon