سورة البقرة جاء فيها (هدى للمتقين) وفي لقمان (هدى ورحمة للمحسنين) زاد تعالى في سورة لقمان "الرحمة" واختلف بيت المتقين والمحسنين. المتّقي : هو الذي يحفظ نفسه ؛ فمتقي النار هو الذي يحمي نفسه منها، أما المحسن فيُحسن إلى نفسه وإلى الآخرين كما جاء في قوله تعالى :(وأحسن كما أحسن الله إليك) و(بالوالدين إحسانا) فالإحسان فيه جانب شخصي وجانب للآخرين. إذن هناك فرق بين المتقي والمحسن ؛ ثم إن الإحسان إلى الآخرين من الرحمة فزاد تعالى في سورة لقمان الرحمة للمحسنين فكما أن المحسن أحسن للآخرين ورحمهم زاد الله تعالى له الرحمة فقال (هدى ورحمة للمحسنين). فالمحسن إذن زاد على المتقي فزاد الله تعالى له الرحمة والإحسان من الرحمة فزاد الله تعالى له الرحمة في الدنيا (هدى ورحمة للمحسنين) وفي الآخرة أيضاً (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)، فكما زاد المحسنون في الدنيا زاد الله تعالى لهم الرحمة في الدنيا والآخرة والجزاء من جنس العمل ولهذا اقتضى في آية سورة لقمان أن يقول تعالى (هدى ورحمة للمحسنين) ولو قال تعالى "هدى للمحسنين" لبخس حق المحسنين وكما نعلم إن المحسن يَفْضل المتّقي والإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
الإيمان أعمّ من الإحسان ولا يمكن للإنسان أن يكون متقياً حتى يكون مؤمناً وورود كلمة "المتقين"، "المؤمنين"، "المحسنين" و"المسلمين" يعود إلى سياق الآيات في كل سورة.
أما بالنسبة للآيات في سورة النحل (هدى ورحمة لقوم يؤمنون) و(هدى وبشرى للمسلمين) و(هدى ورحمة وبشرى للمسلمين) ولنستعرض الآيات واحدة واحدة ففي الآية الأولى قال تعالى :(وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤)) ونسأل هل إنزال الكتاب علينا ينحصر فقط لغرض تبيان الذين اختلفوا فيه؟ هذا أمر والأمر الآخر قال تعالى :(هدى ورحمة).


الصفحة التالية
Icon