وهناك أمر آخر : وهو أنه تعالى ذكر في قصة نوح - عليه السلام - كلمة (الله) إسم علم وفي سورة هود ذكر (الذي فطرني) أي عدّى الفعل إلى ذاته أي ضمير المتكلم كما نلاحظ في قصة هود ارتباط الأمور بشخص هود - عليه السلام - (إن نقول إلا اعتراك، كيدوني، إني توكلت، ربي،..) فمن الذي سينجيه من الكيد؟ الذي فطره فهو الذي خلقه ويحفظه من كل سوء فالأمر إذن شخصي وليس عامّاً فاقتضى ذكر (الذي فطرني). كذلك في سورة هود قال تعالى (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧)) وهذه الآية تدل على أن الله تعالى يفطر قوماً آخرين غيرهم فـ"الذي فطرني" أنسب للذكر في قصة هود - عليه السلام - من كلمة (الله) التي هي أنسب في قصة نوح - عليه السلام -.
وننوه إلى أن هناك فرق بين الخلق والفَطر ولكل منها تميّز دلالي فالخلق غير الفَطر. "الخلق" قد يستعمله البشر بمعنى التصوير مثلاً وهو لفظ عام كما جاء على لسان عيسى - عليه السلام - (إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير) وهي تستعمل سواء للخلق الابتدائي أو التصوير. أما "الفَطر" فهو ابتداء الشيء وهذا خاص بالله تعالى.
٢٨٢- ما دلالة تقديم (يستأخرون) في آية سورة النحل وتأخيرها في آية سورة الحجر؟


الصفحة التالية
Icon