ففي سورة القدر مثلاً قال تعالى :(تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤)) وقال في سورة فُصّلت :(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠)) فآية سورة القدر التنزّل كان في ليلة واحدة في العام وهي ليلة القدر فحذف من الفعل لأن الحدث أقل. أما الآية الثانية فهي عند الموت وفي كل لحظة يُحتضر فيها شخص ويموت فالتنزّل هنا يكون أكثر فقال تعالى (تتنزّل) وأعطى الفعل كل صيغته أن الحدث أطول وأكثر.
نعود إلى آية سورة النساء، ورد فيها قوله تعالى :(مستضعفين في الأرض) وقال في سورة النحل :(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨))) وهؤلاء المستضعفين في آية سورة النساء هم قسم من الظالمين وليس كلهم فهم أقل، أما الآية الثانية (ظالمي أنفسهم) فالذين ظلموا أنفسهم أكثر من المستضعفين لأنهم عموم الظالمين. فلمّا خصّ بقسم من الظالمين (المستضعفين) قال تعالى :(توفّاهم) ولما كثُر العدد قال :(تتوفاهم). وهذا الحذف هو جائز من حيث اللغة للتخفيف.


الصفحة التالية
Icon