ليس هذا هو الموطن الوحيد الذي لم تُذكر فيه الحور العين مع الجنّات فهي لم تذكر في مواطن عديدة في القرآن وليس كل المواطن يُذكر فيها الحور العين. هناك مجالس بين الإخوان لا يَحسُن فيها ذكر الحور العين وهناك مواطن خاصة تقتضي ذكر الحور العين. على سبيل المثال إذا وصف لنا أحد ما بلداً فلا داعي لأن يصف نساءه إذا لم تقتضي الحاجة. وكذلك في سورة الإنسان فالمقام والسياق يتعلقان بالطعام والشراب واللباس والآنية ولا يتعلق بذكر الحور العين. والذكر والحذف قد يتعلق أحياناً بالتفصيل والإيجاز.
٢٩٤- ما دلالة استعمال كلمة (مدّكر) في قوله تعالى :(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) القمر) ولم يستعمل (متذكر) مثلاً من الذِكر كما يُفهم من المعنى؟
هذا سؤال صرفي يُدرس في الصرف ويسمى الإبدال عندما نصيغ على صيغة (افتعل) وتقلباتها مفتَعل ومفتعِل، والمشهور أن (افتعل) تأتي بالتاء مثل اختبر واجتهد واشتهر ؛ لكن مع بعض الحروف لا تأتي التاء فتُبدل دالاً (مع الدال والذال) مثلاً "اذتكر" هي صيغة افتعل من ذَكَر والمفروض أن نقول (مذتكر) هذا هو القياس وكذلك ادّعى المفروض أن نقول (ادتعى) على وزن افتعل لكن العرب تستثقل هذا فتُقلب الذال والدال دالاً فيقولون (مدّكر) و(وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥) يوسف) بمعنى ذكر. وتبدل طاء مع الصاد والضاد مثل (اصطبر) والقياس (اصتبر) بالتاء يبدلون التاء طاء وكذلك اطّلع (اضتلع).


الصفحة التالية
Icon