وها نحن اليوم نرى الصين الشيوعية لما رأت عدوتها الولايات المتحدة متفوقة في صنع القنابل الذرية والهيدروجينية فقدت عقلها حنقا وغيظا وهي جادة في صنع هاتين القنبلتين، وزادها غيظا أن أختها في الشيوعية دولة الاتحاد السوفياتي ضنت عليها بالمساعدة على التوصل إلى هذا الغرض مع أن الولايات المتحدة لم تتحد الصين إلا بلسان الحال، بل هذه فرنسا قلبت ظهر المجن لحليفتها الولايات المتحدة وبريطانيا لأنهما لم يشركاها فيما وصلتا إليه من صنع القنبلتين المذكورتين إلا بقدر ضئيل لا يشبع نهمتها. ولم يقل أحد من العرب المعادين للإسلام إن الذي منعهم من معارضة القرآن هو وجود كلمات فيه غير عربية بل سلموا أنه كله عربي.
أما كتاب السيوطي الذي سماه (المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب) فلا نعلم أنه موجود في هذا الزمان، لكن الملخص الذي نقله منه مؤلفه في كتاب الإتقان لا يدل على أن المؤلف - مع غزارة علمه - كان أهلا أن يؤلف في هذا الباب لأنه فيما يظهر لم يكن يعرف إلا اللغة العربية والمؤلف في هذا الموضوع يحتاج إلى إلمام باللغات التي قيل أن بعض مفرداتها قد عرب ودخل في القرآن، فإن لم يعلم بها كلها فلا أقل من الإلمام ببعضها، وأكثر علماء العرب مقصرون في علم اللغات، والذين يعرفون شيئاً من اللغات الأخرى منهم قليل. وقد كان عمر رضي الله عنه يعرف اللغة العبرانية ويقرأ التوراة ويفهمها.
وقال الترمذي في جامعه (باب تعليم السريانية) ثم روى بسنده إلى زيد بن ثابت قال:"أمرني رسول الله ﷺ أن أتعلم كلمات من كتاب يهود وقال إني والله ما آمن يهود على كتابي، قال فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له، قال فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم". هذا حديث حسن صحيح.