وقال: ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ ) [آل عمران: ١٣].
ويُسمَّى تدبُّرًا، لأنَّه نظرَ في أدبارِ الأمورِ، وهي أواخرُها وعواقبها، ومنه تدبُّرُ القول...)) (١).
الفرقُ بين التَّدبُّرِ والتَّأثُّرِ من سماعِ القرآن:
يخلطُ بعضُ النَّاسِ بين التَّدبُّرِ والتَّأثُّرِ من سماع القرآن، فيجعلونَ القشعريرةَ التي تصيب الإنسان والخشوعَ الذي يلحقُه بسبب تأثيرِ القرآنِ عليه هو التَّدبُّرُ، وليسَ الأمرُ كذلك.
فالتَّدبُّرُ عمليَّةٌ عقليَّةٌ تحدثُ في الذِّهنِ، والتَّأثُّرُ انفعالٌ في الجوارحِ والقلبِ، وقد يكونُ بسبب التَّدبُّرِ، وقد يكونُ بسببِ روعةِ القرآنِ ونظمه، وقد يكونُ بسبب حالِ الشَّخصِ في تلكَ اللَّحظةِ، واللهُ أعلمُ.
مفهوم المفسِّرِ
لم يحظ مصطلح المُفَسِّرِ من علماء القرآن والتفسير بتعريفٍ(٢) كما عرَّفوا مصطلح التفسير، ويعتبر كتاب السيوطي (ت: ٩١١) طبقات المفسرين أول كتاب يجمع تراجمهم في كتاب مستقلٍّ، وقد قسم المفسرين إلى أنواع:
النوع الأول: المفسرون من السلف: الصحابة والتابعون وأتباع التابعين.
النوع الثاني: المفسرون من المحدِّثين، وهم الذين صنفوا التفاسير مسندة مُوردًا فيها أقوال الصحابة والتابعين بالإسناد.

(١) مفتاح دار السعادة، لابن القيم (١: ١٨٢).
(٢) انظر: قواعد الترجيح عند المفسرين، للشيخ حسين الحربي (١: ٣٣)، فقد قال في تعريف المفسر: ((من له أهلية تامةٌ يعرف بها مراد الله تعالى بكلامه المتعبد بتلاوته، قدر الطاقة البشرية، وراض نفسه على مناهج المفسرين، مع معرفته جُملاً كثيرة من تفسير كتاب الله، ومارس التفسير عمليًا بتعليم أو تأليف)).


الصفحة التالية
Icon