إن مراجعة روايات التفسير المروية عن السلف تدل على أن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت: ١٨٢هـ) كان من أكثر السلف اعتناءً بتفسير القرآن بالقرآن.
ومن أمثلة ذلك ما رواه عنه الطبري (ت: ٣١٠هـ) بسنده في تفسير قوله تعالى: ((وَالْبَحْرِ المَسْجُورِ)) [الطور: ٦] قال: »الموقَد، وقرأ قول الله تعالى: ((وَإذَا البِحَارُ سُجِّرَتْ)) [التكوير: ٦] قال: أُوقِدَتْ«(١٠).
أما كتب التفسير، فإن من أبرز من اعتنى به ثلاثة من المفسرين هم:
(١) الحافظ ابن كثير (ت: ٧٧٤هـ) في كتابه (تفسير القرآن العظيم).
(٢) الأمير الصنعاني (ت: ١١٨٢هـ) في كتابه: (مفاتح الرضوان في تفسير الذكر بالآثار والقرآن).
(٣) الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (ت١٣٩٣هـ) في كتابه: (أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن)(١١).
* بيان بعض الأمثلة التي تدخل في المصطلَحَين:
سبق البيان عن مصطلح (تفسير القرآن بالقرآن)، وأنه ينقسم إلى نوعين:
الأول: ما يعتمد على البيان، والمراد أن وقوع البيان عن آية بآية أخرى يُعَدّ تعبيراً دقيقاً عن هذا المصطلح.
الثاني: ما لم يكن فيه بيان عن آية بآية أخرى، وهو بهذا مصطلح مفتوح، يشمل أمثلة كثيرة.
وقد مضى أن هذا التوسع هو الموجود في كتب التفسير، وأنها قد سارت عليه، وفي هذه الفِقْرة سأطرح محاولة اجتهادية لفرز بعض أمثلة هذا المصطلح.
أولاً: الأمثلة التي يَصْدُقُ إدخالها في المصطلح المطابق:
يمكن أن يدخل في هذا المصطلح ما يلي:
١- الآية المخصصة لآية عامة:
ورد لفظ الظلم عاماً في قوله تعالى: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)) [الأنعام: ٨٢]. وقد خصّه الرسول ﷺ بالشرك، واستدل له بقوله تعالى: ((إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) [لقمان: ١٣].


الصفحة التالية
Icon