مصادر التفسير
(٢)
التفسير بالسنة
كتبة
مساعد بن سليمان الطيار
ثلاث مسائل متممة للحديث عن التفسير بالسنة:
المسألة الأولى: التفسير بالسنة عند المحدّثين:
يورد المحدثون التفسير النبوي والتفسير بالسنة في كتبهم تحت كتاب يعنونونه بـ (كتاب التفسير).
وممن كتب في هذا الباب: الإمام البخاري في صحيحه، والنسائي في سننه الكبرى، والترمذي في سننه، والحاكم في مستدركه(١).
وما أريد إبرازه هنا أمران:
الأول: أن استعمالهم للتفسير بالسنة كثير.
الثاني: أن ربطهم معنى الحديث بالآية وذكر ذلك تحت آية من الآيات التي يعنونون بها الأبواب هو اجتهاد خاص بهم، مما يعني أنهم شاركوا في هذا الجانب من التفسير.
وقد كان هؤلاء المحدّثون يحرصون على إيراد مايصلح من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- تفسيراً لآية، ولو من طرف خفي.
بل كانوا يذهبون إلى أبعد من ذلك، حيث يوردون مايتعلق بالآية من الأحاديث لأي سبب كان؛ كذكر بعض لفظ الآية في الحديث أو ذكر قراءة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لتلك الآية في زمن مخصوص، أو غير ذلك من الأسباب، وهذا يدل على مدى حرصهم واهتمامهم بربط الآية بما يتعلق بها من الحديث النبوي، وإن لم يكن جائياً في مساق التفسير، وقد أشار إلى هذا بعض شراح صحيح الإمام البخاري، ومنهم:
١- أبو مسعود الكنهكوهي (ت: ١٣٢٣)، قال: ثم الذي ينبغي التنبه له: أن التفسير عند هؤلاء الكرام أعمّ من أن يكون شرح كلمة، أو بيان مايُقرأ بعد تمام سورة، ولا أقّل من أن يكون لفظ القرآن وارداً في الحديث.
وكون الأمور المتقدمة من التفسير ظاهر(٢)، وإنما الخفاء في هذا الأخير والنكتة فيه: أن لفظ الحديث يفسر لفظ القرآن بحيث يُعلم منه أن المراد في الموضعين واحد، وكثيرا مايُكشف معنى اللفظ بوقوعه في قصة وكلام لايتضح مراده لو وقع هذا اللفظ في غير تلك القصة؛ فإذا لاحظ الرجل الآية والرواية معا كانت له مُكنة على تحصيل المعنى(٣)).