إنَّ القرآن مصدرٌ مهمٌّ من مصادرِ التَّفسيرِ، ولا يُقبلُ التَّفسيرُ به لمجرَّدِ كونِه تفسيرَ قرآنٍ بقرآنٍ، بل لاعتبارٍ آخر، كأن يكونَ من تفسيرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أو مما لا يمكنُ الاختلافُ في كونه مفسَّرًا بقرآنٍ، أو مما يكونُ مجمعًا عليه، أو بالنَّظرِ إلى عُلُوِّ مرتبةِ مفسِّرِه، أو غيرها من القرائنِ التي تدلُّ على صحَّةِ التفسيرِ به.
وإذا كان التفسيرُ بالقرآن ممن هو دون النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فهو من اجتهادِ المفسِّرِ به، لذا قد يختلفُ مفسر وغيرُه في حمل آيةٍ على آيةٍ، وإنما كان ذلك بسبب الاجتهاد.
إنَّ إطلاق المأثور على المرويِّ عن الرسول ﷺ والسَّلفِ من الصحابة والتَّابعين وأتباعهم إطلاقٌ صحيحٌ.
إنَّ الصَّحيح المرويَّ من تفسير الرسول ﷺ المباشرِ حجَّةٌ في تفسيرِ الآيةِ بلا خلافٍ.
إنَّ هذا المأثورَ عنهم حجة من حيث الجملة، وهو – لمن جاء بعدهم – من أهمِّ مصادر التفسير التي يجبُ الرجوع إليها.
إنَّ جملةً من التفسيرِ المرويِّ عن السلفِ معتمدُه النَّقل، وهو كسائر المنقولاتِ من حيثُ اعتماد الصحيحِ منها، ويدخل في ذلك أسباب النُّزول وقصص الآي، وغيرها من المغيَّباتِ التي تفتقرُ إلى النَّقلِ.
وهذه المنقولات تردُ عن الصحابةِ وعن التابعين وأتباعهم ويختلفُ قبولها بين هذه الطبقاتِ، فالمرويُّ عن صحابيِّ ليس كالمرويِّ عن تابعيِّ، ولا عن تابع تابعيِّ.
والمرويُّ عن جماعةٍ منهم، ليس كالمرويِّ عن فردٍ منهم، وهكذا غيرها من القرائن التي تحفُّ بقبولِ الأخبارِ.
إنَّ جملةً من تفسير السَّلفِ تفسيرٌ بالرأي المحمودِ، ولهم في ذلك معتمدَاتٌ، كالقرآنِ واللغةِ، والعلمِ بأحوال من نزل فيهم الخطابُ، والعلمُ بأحوالِ المصطفى صلى الله عليه وسلم، وغيرها.