عن عقبة بن عامر (رضي الله عنه) قال: (سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ـ وهو على المنبر ـ يقول: ((وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةُ)) [الأنفال: ٦٠] ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي)(١٧).
وجاء عن جمع من السلف ما يلي:
١- لقوة: الرمي من القوة (مكحول).
٢- لقوة: الرمي والسيوف والسلاح (ابن عباس)
٣- مرهم بإعداد الخيل (عبّاد بن عبد الله ابن الزبير)
٤- لقوة: ذكور الخيل (عكرمة ومجاهد).
٥- لقوة: الفرس إلى السهم ومادونه (سعيد بن المسيب) (١٨).
لقد فسر الرسول -صلى الله عليه وسلم- القوة بالرمي، فهل يُطّرح ماورد عن السلف من عبارات مخالفة لما جاء عنه -صلى الله عليه وسلم-، ويقال: مادام النص قد ثبت طاح ما دونه.
أم يقال: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يشير إلى القوة التي هي أنكى أنواع القوة، وأشدها تأثيراً في الحرب؟.
الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أراد هذا، وقد أشار إلى ذلك الإمام الطبري فقال: (والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أمر المؤمنين بإعداد الجهاد وآلة الحرب، ومايتقوون به على جهاد عدوه وعدوهم من المشركين من السلاح والرمي، وغير ذلك، ورباط الخيل.
ولا وجه لأن يقال: عنى بالقوة معنى من معاني القوة، وقد عمّ الله الأمر بها.
فإن قال قائل: فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد بين أن ذلك مراداً به الخصوص؛ بقوله: (ألا إن القوة الرمي). قيل له: إن الخبر وإن كان قد جاء بذلك، فليس في الخبر مايدل على أنه مراد به الرمي خاصة دون سائر معاني القوة عليهم، فإن الرمي أحد معاني القوة؛ لأنه إنما قيل في الخبر: (ألا إن القوة الرمي) ولم يقل: دون غيرها.
ومن القوة ـ أيضا: السيف والرمح والحربة، وكل ماكان معونة على قتال المشركين، كمعونة الرمي، أو أبلغ من الرمي فيهم وفي النكاية منهم. هذا مع وهاء سند الخبر بذلك عن رسول الله)(١٩).


الصفحة التالية
Icon