قد تكون الرواية عن الصحابي مجردة من السؤال، بحيث يورد الصحابي تفسير الصحابي إيراداً من غير سؤال، أو تكون عن سؤالٍ؛ ومنه: ما رواه البخاري عن ابن عباس في قوله (تعالى):
((.. وَإن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)) [التحريم: ٤].
قال ابن عباس: أردت أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمكثت سنة، فلم أجد له موضعاً، حتى خرجت معه حاجّاً، فلما كنّا بظهران ذهب عمر لحاجته، فقال: أدركني بالوضوء، فأدركته بالإداوة، فجعلت أسكب عليه، ورأيت موضعاً، فقلت: يا أمير المؤمنين، من المرأتان اللتان تظاهرتا؟
قال ابن عباس: فما أتممت كلامي حتى قال: عائشة وحفصة) (٦).
ويدخل في باب الرواية: ما كان من أسباب النزول، أو أحوال من نزل فيهم القرآن، إذا كان الصحابي لم يحضر السبب أو الحال، فإن طريقه في ذلك: الرواية، وروايته مقبولة في ذلك، وإن لم ينسبها إلى من رواها له من الصحابة، وذلك لأن الصحابة عدول باتفاق الأمة.
ويمكن التمثيل لهذا بما يرويه صغار الصحابة أو من تأخر إسلامهم من أحداثٍ لم يحضروها أو يعاصروها.
ومن أمثلة ذلك: ما رواه أبو هريرة وابن عباس في تفسير قوله (تعالى): ((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)) [الشعراء: ٢١٤] من أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صعد الصفا، ونادى بطون قريش.. إلى آخر الحديث(٧).
وذلك أن أبا هريرة أسلم في المدينة، وابن عباس ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، والحدث الذي يرويانه في تفسير الآية كان بمكة، وكان في أوائل سنيّ البعثة.
٣- ما يروونه من المغيّبات:
تشمل الأمور الغيبية ما مضى، وما سيكون، والأخبار الماضية إما أن يكون مصدرها الرسول، وهذا هو المراد، وإما أن يكون مصدرها أهل الكتاب، وهذا يدخل في البحث السابق.