ومن أمثلته: ما رواه البخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه)، عن النبي قال: (فضل صلاة الجمع على صلاة الواحد خمس وعشرون درجة، وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الصبح) يقول أبو هريرة: (اقرؤوا إن شئتم: ((وَقُرْآنَ الفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً)))(٥).
فنلاحظ أن أبا هريرة نزّل الحديث على معنى الآية، فجعل اجتماع الملائكة هو الشهود الذي يحصل في صلاة الفجر.
٣- التفسير اللغوي (المحتملات اللغوية) :
نزل القرآن بلغة الصحابة (رضي الله عنهم)، ولذا: فهم أئمة التفسير اللغوي، وإذا روي عن أحدهم تفسير لغوي، فإن محلّه القبول.
وبالنظر إلى الألفاظ اللغوية المفسّرة تجد أنها على قسمين:
الأول: ألاّ يحتمل اللفظ إلا معنى واحداً، وهذا ما لا يقع فيه خلاف، وهو أشبه بأن يجعل من القسم الذي طريقه السماع لا الاجتهاد، لعدم الحاجة لإعمال الرأي في مثل هذا.
الثاني: ما يحتمل أكثر من معنى، والسياق محتمل لها جميعها، ففي مثل هذا يكون التّميّزُ وإعمال الرأي اعتماداً على المعنى اللغوي، ومن أمثلة ذلك: ما ذكره الطبري في تفسير قوله (تعالى): ((خِتَامُهُ مِسْكٌ)) [المطففين: ٢٦] أن فيه ثلاثة أقوال، اثنين منها عن صحابيين:
القول الأول: بمعنى خِلْطُهُ، وهذا قول ابن مسعود، قال: (أما إنه ليس بالخاتم الذي يختم، أما سمعتم المرأة من نسائكم تقول: طيب كذا وكذا خلطه مسك).
القول الثاني: بمعنى: آخر شرابهم، وهذا قول ابن عباس، قال: (طيّب الله لهم الخمر، فكان آخر شيء جعل فيها حتى تختم بالمسك)(٦).
٤- ما يرجع إلى احتمال النص القرآني أكثر من معنى :
قد تحتمل الآية أكثر من معنى، فيذكر صحابي أحد هذه المعاني، ثم يذكر الآخر معنًى غيره من المعاني المحتملة لهذا الخطاب القرآني، وقد يعتمد في اختياره على ما سبق من الأقسام الثلاثة فيما يتعلق بالاجتهاد.


الصفحة التالية
Icon