... وقس على هذا كثيراً من مسائل النحو، والفقه، والبلاغة، وغيرها مما يتفنن بذكره من ألف في التفسير، فإنه إنما زادت المؤلفات وتنوعت بسبب الاهتمام بعلوم التفسير، لا بصلبه، ولو اعتنى المفسرون بصلبه فقط، لتقاربت مناهجهم، وإنما تمايزت بسبب إدخالهم هذه العلوم التي قد تبعد طالب التفسير عنه، بل قد تزهده بصلبه، وهو لا يدري أنه هو المراد الأول، والمطلب الأمثل لدارس التفسير، وأن هذه الفوائد إنما تبنى على صحة التفسير، فإذا كان الفهم خطأ، كانت الفوائد المترتبة عليه أخطاء كذلك، فلا تغفل عن هذا المعنى، وتأمله، وقلبه في فكرك لتتبين صحته من خطئه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المسألة الثانية : أنواع الاختلاف وأسبابه :
... التفسير : إما أن يكون مجمعاً عليه، وإما أن يكون مختلفاً فيه. وإما أن يكون متعلقاً بتفسير الألفاظ، وإما أن يكون متعلقاً بالمعاني.
... والاختلاف الوارد في التفسير : إما أن يرجع إلى معنى، وإما أن يرجع إلى أكثر من معنى، وهذا ما سأذكر تفصيله.
... أولاً : الاختلاف الذي يرجع إلى معنى واحد :
... يرد في هذا القسم ثلاثة أنواع من الاختلاف، وهي :
... النوع الأول : أن يذكر من الأسم العام أمثلة له، فتكون كلها عائدة إلى معنى واحد، وهو المعنى العام، ومن أمثلته : تفسير قوله تعالى :﴿علمت نفس ما قدمت وأخرت﴾ [الإنفطار : ٥]، وقوله تعالى :﴿وشاهد ومشهود﴾ [البروج : ٣]، وقوله تعالى :﴿النجم الثاقب﴾ [الطارق: ٣]، وقوله تعالى :﴿والذي قدر فهدى﴾ [الأعلى : ٣]، وقوله تعالى :﴿فإذا فرغت فأنصب﴾ [الشرح : ٧]، وغيرها.
... النوع الثاني : أن يفسر اللفظ بألفاظ متقاربة، وكلها تعود إلى معنى واحد، ومن أمثلته: تفسير قوله تعالى :﴿واليل وما وسق﴾ [الانشقاق : ١٧]، وقوله تعالى :﴿والقمر إذا أنسق﴾ [الانشقاق : ١٨]، وغيرها.


الصفحة التالية
Icon