٣٥- قوله تعالى :﴿لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا﴾ ؛ أي : لا يسمعون في الجنة التي هي المفاز(١) أي كلام باطل، ولا يكذب بعضهم بعضا(٢).
٣٦- قوله تعالى :﴿جزاء من ربكم عطاء حسابا﴾ ؛ أي : أثابهم الرب(٣) بهذا المفاز وما فيه من النعيم المذكور مقابل أعمالهم الصالحة في الدنيا، ثم إنه تفضل عليهم بالعطاء الذي فيه الكفاية لهم(٤)، وهو عطاء من غير مقابل، وهو زيادة في الجنة يزيدها الرب لمن شاء من عباده.
٣٧- قوله تعالى :﴿رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا﴾ ؛ أي : هذا الرب الذي جازاهم وأعطاهم هو رب السموات والأرش وما بينهما، وهو الرحمن الذي بيده جلائل النعم، وفي هذا تنبيه على أنه أعطاهم ما أعطاهم بربوبيته وملكه ورحمته لهم.
وقوله :﴿لا يملكون منه خطابا﴾ ؛ أي : هؤلاء الخلق المذكورون في قوله :﴿السموات والأرض وما بينهما﴾ لا يستطيعون مخاطبة الله في يوم القيامة إلا بإذنه، كما سيرد في الآية بعدها.

(١)... ذكر بعض المفسرين أن الضمير في ﴿فيها﴾ يعود إلى قوله :﴿وكأسا﴾ ؛ أي : خمراً، ويجعل "في" بمعنى "الباء" ؛ أي : بسببها، ويكون المعنى : لا يسمعون بسبب شرب خمر الجنة لغواً ولا كذاباً، والأولى أن يعود الضمير إلى الجنة المشار إليها بالمفاز، وعليه فلا تحتاج إلى هذا التأويل.
(٢)... هذا فيه دلالة على طيب أكلهم وشربهم فلا يحدث بسببه ما يصدر منه لغو ولا كذب كما هو الحال في الدنيا في شرب الخمر وغيره من المسكرات.
(٣)... في إيثار اسم الربوبية هنا ما يشعر بأن النعم من آثار ربوبية الله لعباده، والله أعلم.
(٤)... عل بعض المفسرين لفظ "حساباً" صفة للجزاء، ومن ثم يكون الحساب بمعنى المعدود ؛ أي : جزاء معدوداً على قدر أعمالهم.


الصفحة التالية
Icon