ومن أمثلتِه، ما لو قال من فسَّرَ البروجَ بالنُّجومِ: أنَّ مادَّةَ: ((بَرَجَ)) في اللُّغةِ تدلُّ على الظهورِ والبروزِ، كقولهم: تبرَّجت المرأةُ: إذا أظهرتْ زينتها ومحاسنَها، ومنه كانتِ النُّجومُ بروجًا، لظهورِها وبروزِها للعيان، فيكون إطلاقُ البروجِ على النُّجومِ من هذا البابِ.
لو كُنتَ تفتقِد هذه المعلومةَ بعدَ معرفتِك أنَّ البروجَ هي النُّجومُ، لما أثَّرَ ذلك عليكَ في البيان عن المعنى المرادِ بالبروجِ. لكنَّ ورودَ هذه المعلومةِ يقوِّي عندك هذا التَّفسيرَ، ويبيِّنُ لك أصلَه الذي صدرَ عنه، والله أعلمُ.
استنباطاتٌ عامَّةٌ، في الآدابِ، والفقه، وغيرِها.
ومن أمثلةِ هذه الاستنباطاتِ ما ذكرَه السُّيوطيُّ (ت: ٩١١)، قال: ((قوله تعالى: ( وَامْرَأَتُهُ ) [المسد: ٤]، استدلَّ به الشَّافعيُّ على صحَّة أنكحةِ الكفَّارِ)) (١).
والآيةُ لم تأتِ لأجلِ هذا الحُكمِ الذي استنبطَه الإمامُ الشَّافعيُّ (ت: ٢٠٤).
والمرادُ بهذه الاستنباطات هنا ما كانَ وراءَ الأحكامِ الصَّريحةِ في الآيةِ، لأنَّ بيانَ الحُكمِ الَّذي تدلُّ عليه الآيةُ صراحةً = تفسيرٌ.
هذ، وسيأتي لاحقًا مزيدُ بسطٍ لموضوع الاستنباطات.
لطائفُ ومُلَحٌ تفسيريَّة(٢).
ومن أمثلتِها، ما ذُكرَ من دلالةِ لفظ ((بعث)) في قوله تعالى: ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ ) [الجمعة: ٢]، أنَّه يفيدُ أنَّ هؤلاءِ كانوا موتى باعتقاداتِهم، فبعثَ الله لهم النَّبي ﷺ ليحييهم.
وهذه اللَّطائفُ يختلفُ في استملاحِها النَّاسُ، وليس لها ضابطٌ يُتَّفق عليه في استحسانها، لتعلُّقِها – غالبًا – بالأذواقِ، وأذواقُ المتذوِّقينَ تختلف.
(٢) ذكر ابن عطيَّة المحرر الوجيز، ط: قطر (١: ٨٢) موقع هذه المُلَحِ من العلمِ، فقال: ((وهذا من ملحِ التَّفسيرِ، وليسَ من متينِ العلمِ)).