وبعد استعراضِ المعلوماتِ التي في كتبِ التَّفسيرِ، أعودُ فأقولُ: إنَّ التَّفسيرَ إنَّما هو شرحٌ وبيانٌ للقرآن الكريمِ، فما كان فيه بيانٌ، فهو تفسيرٌ، وما كان خارجًا عن حدِّ البيانِ، فإنَّه ليس من التَّفسيرِ، وإن وُجِدَ في كتبِ المفسِّرين.
وبهذا الضَّابطِ يمكنُ تحديدُ المعلوماتِ التي هي من التَّفسيرِ، وليس بلازمٍ هنا أن يُذكرَ كلُّ ما هو من التَّفسيرِ، لأنَّ المرادَ ذكرُ الحدِّ الضابطِ، وليس ذكرَ منثوراتِ هذا البيانِ.
وبهذا فتخصيصُ العامِّ بيانٌ، وتقييدُ المطلقِ بيانٌ، وبيانُ المجملِ بيانٌ، وتفسيرُ اللفظِ الغريبِ بيانٌ، وذكرُ سببِ النُّزولِ بيانٌ، وكلُّ ما له أثرٌ في فهم المعنى بيانٌ، وهو التَّفسيرُ.
تعريفاتُ العلماء للتَّفسيرِ
للعلماء في تعريف التَّفسيرِ تعبيراتٌ كثيرةٌ، يطولُ المقامُ بسردها(١)، ولقد اطَّلعتُ على جملةٍ من التَّعريفاتِ، منها:
تعريفُ ابن جُزَيٍّ (ت: ٧٤١)، قالَ: ((معنى التَّفسيرِ: شرحُ القرآنِ، وبيانُ معناه، والإفصاحُ بما يقتضيه بنصِّه أو إشارَتِه أو نجواه)) (٢).

(١) ينظر في تعريف التفسير: التسهيل لعلوم التنْزيل، لابن جُزَي (١: ٦)، البحر المحيط، لأبي حيان(١: ٢٦)، والبرهان في علوم القرآن، للزَّركشي (١: ١٣)، (٢: ١٤٩، ١٥٠)، وتفسير ابن عرفة، برواية الأبي (١: ٥٩)، والتيسير في قواعد التفسير، للكافيجي (ص: ١٢٤- ١٢٥)، والإتقان في علوم القرآن، للسيوطي (٤: ١٦٧- ١٦٩)، ومفتاح السعادة، لطاش كبري زاده (٢: ٥٣٠- ٥٣٢)، وقد نقله من الإتقان. وأبجد العلوم، للقنوجي (٢: ١٧٢- ١٧٧)، والتحرير والتنوير، للطاهر بن عاشور (١: ١١)، ومناهل العرفان، للزرقاني (٢: ٣)، أصول في التفسير، لابن عثيمين (ص: ٢٥).
(٢) التهسيل لعلوم التَّنْزيل، لابن جُزَي (١: ٦).


الصفحة التالية
Icon