ثالثًا: أنَّ بعضَهم قد توسَّعَ في تعريفِه، وجعلَ بعضَ العلومِ التي ليست من علمِ التَّفسيرِ، ولا من مُهِمَّةِ المفسرِ، جعلَها من صلبِ تعريفِ التَّفسيرِ، كابن عرفة (ت: ٨٠٣) الذي جعل علم الإعجازِ من علمِ التَّفسيرِ، والكافيجيِّ (ت: ٨٧٩) الذي أدخل في تعريفه علم أصول الفقه.
وهذا ليسَ بصحيحٍ، ويظهرُ أنَّ سببَ ذلك، أنهم لم يُحدِّدوا مهمةَ المفسِّرِ، حتَّى أنَّ بعضَ من تحدَّث عن العلوم التي تلزمُ المفسِّرَ ذكرَ جملةَ العلومِ الإسلاميَّةِ التي لو كانت في مفسِّرٍ لكان مجتهدًا مطلقًا في الشَّريعةِ.
وهذه العلوم، وإن كان المفسِّرُ بحاجةِ شيءٍ منها، إلاَّ أنَّ من ذكرَها لم يذكر المقدارَ الذي يحتاجُه المفسِّرُ من كلِّ علمٍ منها.
كما يظهر أنَّ التخصص الذي يغلب على المفسر يجعله لا يرى أحدًا أحقَّ بالتفسير حتى يكتمل في العلم الذي برز هو فيه، لذا ترى الزمخشري (ت: ٥٣٨) لا يرى المفسر مفسرًا حتى يكون له نصيب من علم المعاني وعلم البيان (أي: علم البلاغة).
قال الزمخشري: (ت: ٥٣٨): ((ثُمَّ إن أملأَ العلوم بما يغمرُ القرائحَ، وأنهضَها بما يبهرُ الألبابَ القوارحَ من غرائبِ نكتٍ يلطفُ مسلكُها، ومستودعاتِ أسرارٍ يدقُّ سِلْكها = علمُ التفسير الذي لا يتمُّ لتعاطيه وإجالةِ النظر فيه كلُّ ذي علم، كما ذكر الجاحظ في كتاب نظم القرآن.