، بل هم أجر غير منقوص، ...............................
...........................................................................................
ولا محسوب، ولا منقطع(١)

(١)... وهذا ضعيف من وجهين :
... أحدهما: أن الاستثناء عام في المؤمنين : قارئهم وأميهم.
... وأنه لا دليل على ما أدعوه، وهذا لا يعلم بالحسن، ولا خبر يجب التسليم له يقتضيه، والله أعلم.
... التاسع : أنه سبحانه ذكر نعمته على الإنسان بخلقه في أحسن تقويم، وهذه النعمة توجب عليه أن يشكرها بالإيمان، وعبادته وحده لا شريك له، فينقله حينئذ من هذه الدار إلى أعلى عليين، فإذا لم يؤمن به، وأشرك به، وعصى رسله، نقله منها إلى أسفل سافلين، وبدله بعد هذه الصورة التي هي في أحسن تقويم، صورة من أقبح الصور في أسفل سافلين. فتلك نعمته عليه، وهذا عدله فيه، وعقوبته على كفرانه نعمته.
... العاشر : أن نظير هذه الآية قوله تعالى :﴿فبشرهم بعذاب أليم * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون﴾، فالعذاب الأليم هو أسفل سافلين، والمستثنون هنا هم المستثنون هناك، والأجر الممنون هناك هو المذكور هنا، والله أعلم". التباين في أقسام القرآن (ص : ٣١-٣٣).
... وقد ذكر الطاهر بن عاشور في الآية فهماً جديداً استنبطه، وهو فهم قوي تدل عليه النصوص، وملخصة : أن أحسن تقويم هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وأن الرد إلى أسفل سافلين للكفار، وذلك ببعده عن فطرته وكفره بالله، إلا الذين آمنوا فاستقاموا على ما فطروا عليه، واستدل لفهمه هذا بحديث :"ما من مولود إلا يولد على الفطرة..." وهو فهم سديد، يتناسب مع المراد من سياق الأقسام الواردة في النبوات، فتأمله واعتبره، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
( )... ورد اختلاف بين السلف في تفسير "ممنون" على أقوال :
غير منقوص، وهو قول ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة.
غير محسوب، وهو قول مجاهد من طريق ابن جريج وابن أبي نجيح، وإبراهيم النخعي من طريق حماد.
غير مقطوع.
قال الطبري :"وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال : فلهم أجر غير منقوص، كما كان له أيام صحته وشبابه، وهو عندي من قولهم : حبل منين : إذا كان ضعيفاً، ومنه قول الشاعر :
... اعطوا هنيدة يحدوها ثمانية... ما في عطائهم من ولا سر
... يعني : أنه ليس فيه نقص، ولا خطأ".
... وسبب هذا الاختلاف الاشتراك اللغوي في لفظ "ممنون"، وهو محتمل لما قيل من هذه التفاسير، ويكون الاختلاف فيه راجعاً إلى أكثر من معنى، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon