١-٣- قوله تعالى :﴿لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة* رسول من الله يتلوا صحفاً مطهرة * فيها كتب قيمة﴾ : يقول الله تعالى : لم يكن هذان الصنفان من الذين كفروا، وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ومشركو العرب منفصلين عن كفرهم وتاركيه(١) حتى تأتيهم العلامة الواضحة من الله، وهي إرسال الرسول الخاتم ﷺ الذي يقرأ عن ظهر قلب ما في الصحف المطهرة من المكتوب المستقيم فيها الذي لا خطأ فيه، وهو القرآن.
... وهذا حكاية لحالهم في ذلك الزمان ؛ لأنهم كانوا ينتظرون بعث نبي آخر الزمان، ولكنهم لما بعث افترقوا فيه، كما سيأتي في قوله تعالى :﴿وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة﴾.

(١)... قال ذلك مجاهد من طريق ابن أبي نجيح وقتادة من طريق معمر وسعيد، وابن زيد. ولكنهم لم يبينوا أن ذلك الخبر كان حكاية لحال أولئك القوم، ولا بد من تقدير ذلك وإلا كان في الخبر تختلف ؛ لأنهم لم ينفكوا جميعهم عن الكفر، بل بقي عليه كثير منهم بعد مجيء البينة. (انظر : التحرير والتنور).
... وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية تأويلات آخر، وهو أن الله لا يخليهم ولا يتركهم سدى، فهو لا يفكهم حتى يبعث إليهم رسولاً، وهذا كقوله تعالى :﴿أيحسب الإنسان أن يترك سدى﴾ [القيامة : ٣٦]. (انظر : دقائق التفسير : ٦/٢٩٣).
... واعلم أن هذه الآية من أصعب الآيات في التفسير، والله المستعان.


الصفحة التالية
Icon