... في هذا اليوم تتكلم الأرض وتخبر(١) عن الذي عمل عليه من خير وشر(٢) ؛ ؛ لأن الله أعلمها وأمرها بهذا التحديث.
... ٦-٨- قوله تعالى :﴿يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثال ذرة شراً يره﴾ ؛ أي : يوم تحصل هذه الزلزلة وما بعدها من الأهوال، يرجع الناس من موقف الحساب متفرقين، لينظروا إلى أعمالهم وما جازاهم الله به، بالمحسن يرى ما أعده الله من النعيم، والمسيء يرى ما أعده الله له من العذاب، ولذا قال مرغباًَ ومرهبا : فمن يعمل في الدنيا أي عمل خير، ولو كان في الصغر وزن ذرة، فإنه سيلقي حسن جزائه، وكذا من عمل في الدنيا عمل شر، ولو كان في الصغر وزن ذرة، فإنه سيلقى سوء عقابه، والله أعلم(٣)

(١)... هذا التحدي على الحقيقة، وقد ورد ذلك عن ابن مسعود من طريق سعيد بن جبير.
(٢)... ورد ذلك عن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وسفيان الثوري من طريق مهران، وابن زيد، وقد ورد في ذلك حديث عن النبي ﷺ، قال أبو هريرة :"قرأ رسول الله ﷺ هذه الآية :﴿يومئذ تحدث أخبارها﴾ قال : أتدرون ما أخبراها؟ قالوا : الله ورسول أعلم. قال : فإن من أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها ؛ أن تقول : عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها". رواه أحمد والنسائي والترمذي.
(٣)... كذا ورد عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة، وورد تفسير آخر عن محمد بن كعب القرظي من طريق عمرو بن قتادة :"أن الكافر الذي يعمل الخير في الدنيا يرى ثوابه في الدنيا، والمسلم الذي يعمل الشر في الدنيا يرى عقابه في الدنيا"................... =
=... وهذا لا يخالف التفسير الأول ؛ إلا أن كان المراد تخصيص هذه الآية بهذا النوع من العقاب، وإن لم يكن، فإنه أشار إلى المجازاة التي تكون على الأعمال في الدنيا. والمعروف أن مجازاة الدنيا إذا لم تكف، فإن الله يكمل لها الحساب في الآخرة، ويشهد لهذا ما روى أنس قال :"كان أبو بكر يأكل مع النبي ﷺ، فنزلت هذه الآية :﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره﴾، فرفع أبو بكر يده، وقال : يا رسول الله، إني أجزى بما عملت من مثقال ذرة من شر ؟ فقال : يا أبا بكر، ما رأيت في الدنيا مما تكره، فبمثاقيل ذر الشر، ويدخر لك مثاقيل ذر الخير حتى توافاه يوم القيامة". والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon