... ١-٣- قوله تعالى :﴿قل أعوذ برب الناس * مالك الناس * إله الناس ﴾ ؛ أي : قل يا محمد : استجير برب الناس، فخصهم بالذكر لأنهم المستعيذون، والرب : الذي يسوسهم ويرعاهم ويدبر أمورهم، وهو ملكهم الذي يتصرف فيهم بالأمر والنهي، فهم تحت قدرته، وهو إلههم المستحق للعبادة دون سواه.
... ٤-٦- قوله تعالى :﴿من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس﴾ ؛ أي : أستجير به سبحانه من شر الشيطان الذي يلقي في قلب العبد، إذا غفل عن الذكر، يلقي صوته الخفي، الذي لا يحس به.
... ويتأخر عن القلب فلا يوسوس فيه إذا ذكر العبد ربه(١). وهذا الشيطان يوسوس في محل القلوب، وهي صدور الناس : جنهم وإنسهم، أو هذا الموسوس من الجبن والناس يوسوس في صدور الناس، كما قال تعالى :﴿وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا﴾ [الأنعام : ١١٢] (٢)

(١)... قال ابن عباس من طريق سعيد بن جبير :"ما من مولد إلا على قبله الوسواس، فإذا عقل، فذكر الله، خنس، وإذا غفل، وسوس، قال : فذلك الوسواس الخناس". وقد ورد هذا المعنى عن مجاهد من طريق عثمان بن الأسود وابن أبي نجيح، وقتادة من طريق معمر وسعيد، وابن زيد.
(٢)... في هذه الآية احتمالان :
... الأول : أن يكون الموسوس من الجنة والناس، وهم يوسوسون في صدور الناس.
... الثاني : أن يكون الموسوس من الشياطين، وهم يوسون في صدور الجنة والناس، وهو اختيار الطبري، (وانظر في هذين الاحتمالين : تفسير ابن كثير).
... ويكون فيه جواز إطلاق لفظ الناس على الجن، وقد ورد هذا الإطلاق عن ابن مسعود، قال :"كان ناس من الإنس يعبدون ناساً من الجن..." (رواه البخاري في الباب السابع من تفسير سورة الإسراء)، وقد حكى الطبري ذلك عن بعض العرب، وبهذا تزول الغرابة التي يدعيها بعضهم في إطلاق لفظ الناس على الجن، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon