إلى تفسير، وهو ما لا يدرك إلاَّ بالنقل، كأسباب النُّزول والقصص، فهو ما يتعلق بالرواية.
وإلى تأويل، وهو ما يمكن إدراكه بالقواعد العربية، وهو ما يتعلق بالدراية.
فالقول في الأول بلا نقل خطأٌ، وكذا القول في الثاني بمجرد التشهي، وإنْ أصابَ فيهما.
وأما استنباطُ المعاني على قوانين اللغةِ، فمِمَّا يُعَدُّ فَضْلاً وكمالاً)) (١).
قال صديق حسن خان (ت: ١٣٠٧): ((واختلف في التفسير والتأويل فقال أبو عبيد وطائفة: هما بمعنى وقد أنكر ذلك قوم(٢).
وقال الراغب: التفسير أعم من التأويل، وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل، وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية.
وقال غيره: التفسير: بيان لفظ لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا، والتأويل: توجيهُ لفظ متوجهٍ إلى معانن مختلفة إلى واحد منهما بما ظهر من الأدلة.
وقال الماتريدي: التفسير: القطعُ على أن المرادَ من اللفظ هذا، والشهادةُ على الله سبحانه وتعالى أنه عنَى باللَّفظِ هذا، والتأويل: ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة.
وقال أبو طالب الثعلبي: التفسير: بيانُ وضعِ اللفظِ إمَّا حقيقةً أو مجازًا، والتأويلُ: تفسيرُ باطنِ اللَّفظِ، مأخوذ من الأَولِ، وهو الرجوعُ لعاقبةِ الأمرِ، فالتأويلُ: إخبارٌ عن حقيقةِ المرادِ، والتفسيرُ إخبارٌ عن دليلِ المرادِ، مثاله: قوله سبحانه وتعالى: ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) [الفجر: ١٤]، وتفسيره: أنه من الرَّصْدِ، مفعالٌ منه، وتأويله: التحذير من التهاون بأمر الله سبحانه وتعالى.

(١) الكشاف مع حاشية الجرجاني وابن المنير (١: ١٥).
(٢) هذا الإنكار باطل، لأنه قد ثبت عن العلماء المتقدمين من مفسري السلف واللغويين، وهم الحجة في إثبات مثل هذا، فكيف ينكره هؤلاء القومِ؟!.
ومن أين سيأخذون معاني الألفاظِ إن لم يأخذوها من هولاء؟!.


الصفحة التالية
Icon