فقال: ((استواؤه معقولٌ، وكيفيَّتُه مجهولةٌ، وسُؤالُك عن هذا بدعةٌ، وأراك رجلَ سوءٍ)) (١).
القول في الأحرف المقطعة:
وقبل أن أختم الحديث عن هذا الموضوع، أشيرُ إلى ما قد يسأل عنه القارىء، وهو هل الأحرف المقطعة من المتشابه؟.
الجواب: فيه تفصيل، فإن كان المراد أنها من المتشابه النسبي الذي قد يخفى على قوم، فنعم.
وإن كان المراد أنها من المتشابه الكلي، فلا، ومن أدخلها في المتشابه الكلي، فقد أخطأ، لأن السلف قد تعرَّضوا للقول فيها، ولو كانت من المتشابه الكلي لما قالوا فيها شيئًا، وهذا من أدلِّ الدليل على خروجها عن أن تكون من المتشابه الكلي الذي لا يعلمه إلا الله.
ويورد بعض أعلام المتكلِّمين هنا سؤالاً:
هل يجوز ان يخاطبنا الله بما لا نعلم معناه؟.
أو هل في القرآن ما لا نعلم تأويله؟(٢).
وبعضهم يبنون على هذا أنَّ الأحرف المقطعة، وغيرها من المتشابه الكلي الذي لا يعلمه إلا الله، لذا يقولون في تفسيرها: الله أعلم بمراده بها.

(١) رواه ابن عبدالبرِّ بسنده، التمهيد، تحقيق: عبدالله بن الصِّدِّيق (٧: ١٨٣). والمحقق يخالف عقيدة ابن عبدالبرِّ السلفية، فليحذر من تعليقاته. وقد رواه آخرون غيرُ ابن عبدالبرِّ، منهم أبو القاسم اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (٣: ٣٩٨)، وقد وردت الرواية عنده كالآتي: ((الكيفُ غيرُ معقولٍ، والاستواءُ منه غيرُ مجهولٍ، والإيمانُ به واجبٌ، والسؤالُ عنه بدعةٌ، فإنِّي أخافُ أن تكونَ ضالاًّ، وأمَرَ به فأُخرج)).
(٢) ينظر على سبيل المثال: مقدمة جامع التفاسير للراغب الصفهاني، تحقيق: أحمد حسن فرحات (ص: ٨٦).


الصفحة التالية
Icon