( حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) [فصلت: ١- ٢].
( حم * عسق * كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )[الشورى: ١- ٣].
وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر والله أعلم)) (١).
وبهذا ينتهي الحديث عن الأحرف المقطعة، وبالله التوفيق.
مفهوم الاستنباط
بعد أن بَانَ حدُّ التفسيرِ، وعلمتَ أنَّ كثيرًا مما في كتب التفسيرِ قد يكون خارجًا عن حدِّ البيانِ، ككثيرٍ من اللطائفِ والمُلَحِ العلميةِ، والنِّكاتِ البلاغيةِ، والاستنباطاتِ العلميةِ من فقه وآدابٍ وتربوياتٍ وهداياتٍ قرآنيةٍ وغيرِها، فاعلمْ أنَّ من أهمِّ ما هو خارجٌ عن البيانِ، ومن أنفعِه للناس بعد التفسير = علمُ الاستنباطِ من القرآنِ الذي لا حدَّ له، وقد يفتح الله على عبادِه في عصرٍ ما لم يفتحْهُ على من قبلَهم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
معنى الاستنباط:
تدورُ مادَّةُ ((نَبَطَ)) على أصلٍ واحدٍ، وهو استخراجُ شيءٍ(٢)، والألف والسين والتاء في استنبط تدلُّ على تطلُّبِ الشيءِ لأجلِ حصولِه، وكأنَّ فيها معنى التَّكلُّفِ في أعمالِ العقلِ الذي يحتاجُه المستبطُ حال الاستنباط، والله أعلمُ.
قال الطَّبريُّ (ت: ٣١٠): ((وكلُّ مستخرجٍ شيئًا كان مستترًا عن العيون أو عن معارف القلوبِ، فهو له مستنبطٌ، يقال: استنبطتُ الرَّكِيَّة: إذا استخرجت ماءها)) (٣).

(١) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ط: ٣(١: ٣٨). وقد نصر هذا القول الشنقيطي في أضواء البيان واستدل بالاستقراء الذي أشار إليه ابن كثير، ينظر: أضواء البيان (٣: ٥- ٧).
(٢) ينظر: مقاييس اللُّغة (٥: ٣٨١)، والعباب الزاخر واللباب الفاخر، للصغاني، تحقيق: محمد حسين آل ياسين (حرف الطاء: ٢٠٨).
(٣) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٨: ٥٧١).


الصفحة التالية
Icon