فإن قيل: أمر ربي خبر وأقيموا وجوهكم أمر وعطف الأمر على الخبر لا يجوز. أجيب: بأنّ فيه إضماراً وحذفاً تقديره: قل أمر ربي بالقسط، وقل: أقيموا كما تقدّم تقديره فحذف قل لدلالة الكلام عليه، وقيل: معنى الآية وجهوا وجوهكم حيثما كنتم في الصلاة إلى الكعبة وقيل: معناه صلوا في أي مسجد حضرتكم الصلاة ولا تؤخروها حتى تعودوا إلى مساجدكم ﴿وادعوه﴾ أي: اعبدوه ﴿مخلصين له الدين﴾ أي: الطاعة ولا تشركوا به شيئاً فإنّ إليه مصيركم و ﴿كما بدأكم﴾ أي: كما أنشأكم ابتداء ﴿تعودون﴾ أي: يعيدكم أحياء يوم القيامة حالة كونكم فريقين.
﴿فريقاً هدى﴾ أي: خلق الهداية في قلوبهم فحق لهم ثواب الهداية ﴿وفريقاً حق﴾ أي: ثبت ووجب ﴿عليهم الضلالة﴾ أي: بمقتضى القضاء السابق، وقيل: إنّ الله تعالى بدأ خلق بني آدم مؤمناً وكافراً كما قال تعالى: ﴿هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ (التغابن، ٢)
ثم يعيدكم يوم القيامة، كما خلقكم كافراً ومؤمناً وقيل: يبعثون على ما كانوا عليه.
روي أنه ﷺ قال: «يبعث كل عبد على ما مات عليه» المؤمن على إيمانه والكافر على كفره. وقيل: من ابتدأ الله خلقه على الشقوة صار إليها وإن عمل عمل أهل السعادة كما أنّ إبليس كان يعمل بعمل أهل السعادة ثم صار إلى الشقاوة، ومن ابتدأ الله خلقه على السعادة صار إليها وإن عمل عمل أهل الشقاوة كما أنّ السحرة كانوا يعملون عمل أهل الشقاوة فصاروا إلى السعادة.
(١٥/٣١٢)
---


الصفحة التالية
Icon