﴿إنّ الذين كذبوا بآياتنا﴾ أي: بدلائل التوحيد فلم يصدّقوا ولم يتبعوا رسلي ﴿واستكبروا عنها﴾ أي: وتكبروا عن الإيمان بها والانقياد لها والعمل بمقتضاها ﴿لا تفتح لهم أبواب السماء﴾ لصعود أعمالهم ولا لدعائهم ولا لأرواحهم ولا لنزول البركات عليهم لأنها طهارة عن الأرجاس الحسية والمعنوية فإذا صعدت أرواحهم الخبيثة بعد الموت مع ملائكة العذاب أغلقت الأبواب دونها ثم ألقيت من هناك إلى سجين بخلاف المؤمن فيفتح له ويصعد بروحه إلى السماء السابعة كما ورد في حديث.
وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي بسكون الفاء وتخفيف التاء بعدها إلا أنّ أبا عمرو يقرأ بالتاء على التأنيث وحمزة والكسائي بالياء على التذكير، وقرأ الباقون بالتأنيث وفتح الفاء وتشديد التاء بعدها ﴿ولا يدخلون الجنة﴾ أي: التي هي أطهر المنازل وأشرفها ﴿حتى﴾ يكون ما لا يكون بأن ﴿يلج﴾ أي: يدخل ﴿الجمل﴾ على كبره ﴿في سم الخياط﴾ أي: ثقب الإبرة وهو غير ممكن فكذا دخولهم الجنة فهو تعليق على محال، وعن ابن مسعود أنه سئل عن الجمل فقال: زوج الناقة استجهالاً للسائل وإشارة إلى أنّ طلب معنى آخر تكلف ﴿وكذلك﴾ أي: ومثل ذلك الجزاء بهذا العذاب وهو أنّ دخولهم الجنة محال عادة ﴿نجزي المجرمين﴾ أي: الكافرين لأنه تقدّم من صفتهم إنهم كذبوا بآيات الله واستكبروا عنها وهذه صفة الكفار فوجب حمل لفظ المجرمين على أنهم الكفار.
ولما بين تعالى أنّ الكفار لا يدخلون الجنة أبداً بين أنهم من أهل النار ووصف ما أعدّ الله لهم فيها فقال تعالى:
﴿لهم من جهنم مهاد﴾ أي: فراش وأصل المهاد والمهد الذي يقعد عليه ويضطجع عليه كالبساط ﴿ومن فوقهم غواش﴾ أي: أغطية من النار جمع غاشية والتنوين فيه عوض عن الياء التي هي حرف علة.
(١٥/٣٢٠)
---


الصفحة التالية
Icon