(١٥/٣٢٦)
---
وحكى ابن الأنباري أنهم أنبياء وعلى هذا إنما أجلسهم على ذلك العالي تمييزاً لهم على أهل القيامة وإظهاراً لفضلهم وعلو مرتبتهم وليكونوا مشرفين على أهل الجنة والنار ومطلعين على أحوالهم ومقادير ثواب أهل الجنة وعقاب أهل النار، وقال أبو مخلد: هم ملائكة يرون في صورة الرجال، والأقوال الأول تدل على أنّ أصحاب الأعراف دون أهل الجنة في الدرجات وإن كانوا يدخلون الجنة برحمة الله، والأقوال الأخيرة تدل على أنهم أفضل من أهل الجنة لأنهم أعلى منهم منزلة وأفضل.
﴿وإذا صرفت أبصارهم﴾ أي: أصحاب الأعراف ﴿تلقاء﴾ أي: جهة ﴿أصحاب النار﴾ فنظروا لهم وإلى سواد وجوههم وما هم فيه من العذاب ﴿قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين﴾ أي: الكافرين في النار قال ابن عباس: إنّ أصحاب الأعراف إذا نظروا إلى أصحاب النار وما هم فيه تضرّعوا إلى الله تعالى وسألوه أن لا يجعلهم منهم. وقرأ قالون وأبو عمرو والبزي بإسقاط الهمزة الأولى وأبدلها ورش وقنبل حرف مدّ وسهلاها والباقون بالتحقيق.
﴿ونادى أصحاب الأعراف رجالاً﴾ أي: كانوا عظماء في الدنيا من أهل النار ﴿يعرفونهم بسيماهم﴾ أي: بسيما أهل النار ﴿قالوا﴾ أي: أصحاب الأعراف لهؤلاء الذين عرفوهم في النار ﴿ما أغنى عنكم جمعكم﴾ أي: ما كنتم تجمعون من الأموال في الدنيا أو كثرتكم واجتماعكم فيها ﴿وما كنتم تستكبرون﴾ أي: وما أغنى عنكم تكبركم عن الإيمان شيئاً، قال الكلبيّ: ينادونهم على السور يا وليد بن المغيرة يا أبا جهل بن هشام يا فلان ويا فلان ثم ينظرون إلى الجنة فيرون فيها الفقراء والضعفاء ممن كانوا يستهزؤون بهم مثل سلمان الفارسيّ وخبيب وصهيب وبلال وأشباههم فيقول أصحاب الأعراف لهؤلاء الكفار:
(١٥/٣٢٧)
---


الصفحة التالية
Icon