وروي أنّ موسى عليه السلام كان بعدما كلمه ربه لا يستطيع أحد أن ينظر إليه لما غشي وجهه من النور ولم يزل على وجهه برقع حتى مات وقالت له زوجته: أنا لم أرك منذ كلمك ربك فكشف لها عن وجهه فأخذها مثل شعاع الشمس فوضعت يدها على وجهها وخرّت ساجدة وقالت ادع الله أن يجعلني زوجتك في الجنة، قال: ذاك إن لم تتزوّجي بعدي لأنّ المرأة لآخر أزواجها ﴿وكتبنا له﴾ أي: لموسى ﴿في الألواح﴾ أي: ألواح التوراة، قال البغوي: وفي الحديث: «كانت من سدر الجنة طول اللوح اثنتا عشرة ذراعاً» وجاء في الحديث: «خلق الله آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس شجرة طوبى بيده» والمراد بيده قدرته، وقيل: كانت من زبرجدة خضراء، وقيل: من ياقوتة حمراء، وقيل: من صحرة صماء لينها الله تعالى لموسى فقطعها بيده، وأمّا كيفية الكتابة فقال ابن جريج: كتبها جبريل بالقلم الذي كتب به الذكر واستمد من نهر النور، وقال وهب: سمع موسى صرير القلم بالكلمات العشر وكان ذلك في أوّل يوم من ذي القعدة، وقيل: إنّ موسى خرّ صعقاً ـ يوم عرفة وأعطى التوراة يوم النحر وكانت الألواح عشرة على طول موسى، وقيل: كانت تسعة، وقيل: سبعة، وقال مقاتل: وكتبنا له في الألواح كنقش الخاتم، وقال الربيع بن أنس: نزلت التوراة وهي سبعون وقر بعير يقرأ الجزء منها في سنة ولم يقرأها إلا أربعة نفر موسى ويوشع وعزير وعيسى عليهم السلام أي: لم يحفظها ويقرأها عن ظهر قلب إلا هؤلاء الأربعة، قال الإمام الرازي: وليس في لفظ الآية ما يدل على كيفية تلك الألواح وعلى كيفية تلك الكتابة فإن ثبت ذلك التفصيل بدليل منفصل قويّ وجب القول به وإلا وجب السكوت عنه.
(١٥/٤١٨)
---