(١٥/٤١٩)
---
يصطفون في صلاتهم كصفوف الملائكة أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل لا يدخل النار أحد منهم إلا من برىء من الحسنات مثل ما برىء الحجر من ورق الشجر فاجعلهم أمّتي، قال: هم أمّة محمد، فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمداً وأمته قال: يا ليتني من أصحاب محمد فأوحى الله تعالى إليه ﴿إني اصطفيتك﴾ الخ فرضي موسى كل الرضا، ومعنى ﴿بقوّة﴾ أي: بجدّ وعزيمة ﴿وأمر قومك يأخذوا بأحسنها﴾ أي: بأحسن ما فيها.
فإن قيل: ظاهر هذا يقتضي أنّ فيها ما ليس بأحسن وأنه لا يجوز لهم الأخذ به وذلك متناقض وأجيب عن ذلك بأجوبة: الأوّل: أنّ تلك التكاليف منها ما هو حسن ومنها ما هو أحسن كالاقتصاد والعفو والانتصار والصبر فمرهم أن يحملوا أنفسهم بما هو أدخل في الحسن وأكثر للثواب كقوله تعالى: ﴿واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم﴾ (الزمر، ٥٥)
وقوله تعالى: ﴿الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه﴾ (الزمر، ١٨)
هذا ما أجاب به في الكشاف وتبعه البيضاوي والإمام الرازي لكن قال التفتازاني: هذا ينافي ما تقرر من أن المكتوب على بني إسرائيل هو القصاص قطعاً والجواب بأنه مثال للحسن والأحسن لا لكونه في التوراة بعيد جداً.
(١٥/٤٢٠)
---