﴿ولما سقط في أيديهم﴾ أي: ولما ندموا على عبادة العجل، تقول العرب لكل نادم على أمر قد سقط في يده، وذلك لأنّ من شأن من اشتدّ ندمه على أمر أن يعض يده ثم يضرب فخذه فتصير يده ساقطة لأنّ السقوط عبارة عن النزول من أعلى إلى أسفل ﴿ورأوا﴾ أي: علموا ﴿أنهم قد ضلوا﴾ عن الطريق الواضح باتخاذ العجل ﴿قالوا﴾ توبة ورجوعاً إلى الله تعالى كما قال أبوهم آدم عليه السلام ﴿لئن لم يرحمنا ربنا﴾ الذي لم يقطع قط إحسانه عنا فيكف غضبه ويديم إحسانه ﴿ويغفر لنا﴾ أي: يمحو ذنوبنا عيناً وأثراً لئلا ينتقم منا في المستقبل ﴿لنكوننّ من الخاسرين﴾ أي: فينتقم منا بذنوبنا وهذا كلام من اعترف بعظيم ما قدم عليه من الذنوب وندم على ما صدر منه ورغب إلى الله تعالى في إقالة عثرته وإنما قالوا ذلك لما رجع موسى عليه السلام إليهم كما قال تعالى:
(١٥/٤٢٥)
---
﴿ولما رجع موسى﴾ أي: من مناجاته ﴿إلى قومه غضبان﴾ أي: من جهتهم ﴿أسفاً﴾ أي: لأن الله تعالى كان قد أخبره أنه قد فتن قومه وأنّ السامريّ قد أضلهم فكان موسى في حال رجوعه غضبان أسفاً، قال أبو الدرداء: الأسف أشدّ الغضب، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الأسف الحزن والأسيف الحزين، قال الواحدي: والقولان متقاربان لأنّ الغضب من الحزن والحزن من الغضب وقرأ حمزة والكسائي بالخطاب في يرحمنا ويغفر لنا ونصب ربنا والباقون بالغيبة ورفع الباء ﴿قال﴾ موسى لهم: ﴿بئسما خلفتموني من بعدي﴾ أي: بئس الفعل فعلكم بعد فراقي إياكم وهذا الخطاب يحتمل أن يكون لعبدة العجل من السامري وأتباعه أي: بئسما خلفتموني حيث عبدتم العجل وتركتم عبادة الله تعالى وأن يكون لهارون والمؤمنين أي: بئسما خلفتموني حيث لم تمنعوهم من عبادة غير الله تعالى والمخصوص بالذم محذوف تقديره: بئس خلافة خلفتمونيها من بعدي خلافتكم.