﴿ولا تلبسوا﴾ أي: تخلطوا ﴿الحق﴾ الذي أنزلت عليكم من صفة محمد ﷺ ﴿بالباطل﴾ الذي تخترعونه وتكتبونه بأيديكم من تغيير صفته ﴿و﴾ لا ﴿تكتموا الحق﴾ أي: تكتموا نعت النبيّ ﷺ ﴿وأنتم تعلمون﴾ أنكم لابسون الحق بالباطل كاتمون فإنه أقبح إذ الجاهل يعذر.
﴿وأقيموا الصلاة﴾ أي: الصلوات الخمس بمواقيتها وحدودها ﴿وآتوا الزكاة﴾ أي: أدوا زكاة أموالكم المفروضة. أمرهم بفروع الإسلام بعدما أمرهم بأصوله وفيه دليل على أنّ الكفار مخاطبون بها والزكاة مأخوذة من زكا الزرع إذا نما وكثر أو من الزكاة بمعنى الطهارة وكلا المعنيين موجود في الزكاة فإنّ إخراجها يستجلب بركة في المال ويثمر للنفس فضيلة الكرم ويطهر المال من الخبث والنفس من البخل ﴿واركعوا مع الراكعين﴾ أي: صلوا مع المصلين محمد ﷺ وأصحابه في جماعتهم فإنّ صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ أي: الفرد بسبع وعشرين لما فيها من تظاهر أي: تعاون النفوس، وعبر عن الصلاة بالركوع احترازاً عن صلاة اليهود لأنّ صلاتهم لم يكن فيها ركوع أي: صلوا مع الذين في صلاتهم ركوع، وقيل: الركوع الخضوع والانقياد لما يلزمهم الشارع، قال الشاعر:
لا تذلّ الضعيف (وروي لا تهين الفقير) علك (أي: لعلك) أن تركع يوماً والدهر قد رفعه.
فتركع من الركوع بمعنى الانحناء والميل وأراد به الانحطاط من الرتبة.
ونزل في علماء اليهود وكانوا يقولون لأقربائهم المسلمين سراً: اثبتوا على دين محمد ﷺ فإنه حق ولا يتبعونه.
(١/١١٨)
---