﴿وإذ﴾ أي: واذكر إذ ﴿يعدكم الله إحدى الطائفتين﴾ أي: العير أو النفير، وإحدى ثاني مفعولي «يعدكم» وقد أبدل منها ﴿أنها لكم﴾ بدل اشتمال ﴿وتودّون﴾ أي: تريدون ﴿أن غير ذات الشوكة﴾ أي: القوة والشدة والسلاح وهي العير ﴿تكون لكم﴾ لقلة عددها وعددها إذ لم يكن فيها إلا أربعون فارساً بخلاف النفير لكثرة عددهم وعددهم.
وقرأ أبو عمرو بادغام التاء في التاء بخلاف عنه ﴿ويريد الله أن يحق الحق﴾ أي: يظهره ﴿بكلماته﴾ أي: بآياته المنزلة في محاربة ذات الشوكة وبما أمر الملائكة من نزولهم للنصرة، وبما قضى من أسرهم وقتلهم وطرحهم في قليب بدر ﴿ويقطع دابر الكافرين﴾ أي: يستأصلهم، والمعنى أنكم تريدون أن تصيبوا مالاً، ولا تلقوا مكروهاً والله يريد إعلاء الدين وإظهار الحق، وما يحصل لكم من فوز الدارين ﴿ليحق الحق﴾ أي: يثبت الإسلام ﴿ويبطل الباطل﴾ أي: يمحق الكفر ﴿ولو كره المجرمون﴾ أي: المشركون ذلك.
فإن قيل: قوله تعالى: ﴿ليحق الحق﴾ بعد قوله: ﴿أن يحق الحق﴾ يشبه التكرار أجيب: بأنّ المعنيين متباينان وذلك أنّ الأوّل لبيان المراد وما بينه وبين مرادهم من التفاوت، والثاني لبيان الداعي إلى حمل الرسول على اختيار ذات الشوكة على غيرها ونصره عليها.
(١٦/٢١)
---
﴿إذ﴾ أي: واذكر إذ ﴿تستغيثون ربكم﴾ واستغاثتهم أنهم لما عملوا أن لا محيص عن القتال أخذوا يقولون ربنا انصرنا على عدوّك أغثنا يا غياث المستغيثين.
(١٦/٢٢)
---
وعن عمر رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام نظر إلى المشركين وهم ألف وإلى أصحابه وهم ثلاثمئة أي وبضعة عشر، فاستقبل القبلة ومد يديه يدعو اللّهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض، فما زال كذلك حتى سقط رداؤه، وأخذه أبو بكر رضي الله تعالى عنه، فألقاه على منكبه والتزمه من ورائه، وقال: يا نبيّ الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك.