﴿وما جعله الله إلا بشرى﴾ لكم أي: وما جعل الإرداف بالملائكة إلا بشرى لكم ﴿ولتطمئن به قلوبكم﴾ فيزول ما بها من الوجل لقلتكم وذلتكم، والصحيح أنهم قاتلوا يوم بدر، ولم يقاتلوا فيما سواه لما تقدّم ﴿وما النصر إلا من عند الله﴾ أي: لا من عند غيره، وأما إمداد الملائكة وكثرة العدد والأهب ونحوها فهي وسايط لا تأثير لها، فلا تحسبوا أن النصر منها ولا تيأسوا منه بفقدها، وفي ذلك تنبيه على أنّ الواجب على المسلم أن لا يتوكل إلا على الله تعالى في جميع أحواله، ولا يثق بغيره، فإنّ الله تعالى بيده النصر والإعانة. ﴿إنّ الله عزيز﴾ أي: إنه تعالى قويّ منيع لا يقهره شيء ولا يغلبه غالب بل هو يقهر كلّ شيء ويغلبه ﴿حكيم﴾ في تدبيره ونصره ينصر من يشاء ويخذل من يشاء من عباده.
﴿إذ﴾ أي: واذكر إذ ﴿يغشاكم النعاس﴾ وهو النوم الخفيف ﴿أمنة﴾ أي: أمناً مما حصل لكم من الخوف من عدوّكم ﴿منه﴾ أي: من الله تعالى؛ لأنهم لما خافوا على أنفسهم لكثرة عددهم وعددهم وقلة المسلمين وقلة عددهم، وعطشوا عطشاً شديداً ألقى الله عليهم النوم حتى حصلت لهم الراحة وزال عنهم الكلال والعطش، وتمكنوا من قتال عدوّهم كان ذلك النوم نعمة في حقهم؛ لأنه كان خفيفاً بحيث لو قصدهم العدوّ لعرفوا وصوله إليهم وقدروا على دفعه عنهم.
(١٦/٢٤)
---