وقال الضحاك: يحول بين المرء المؤمن والمعصية وبين الكافر والطاعة، وقال السدي: يحول بين المرء وقلبه، فلا يستطيع أن يؤمن ولا أن يكفر إلا بإذنه، وقال مجاهد: يحول بين المرء وقلبه، فلا يعقل ولا يدري ما يعمل.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله ﷺ يكثر أن يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» قالوا: يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال: «القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء» ﴿وإنه﴾ أي: واعلموا أنه تعالى: ﴿إليه تحشرون﴾ لا إلى غيره فلا تتركوا مهملين معطلين فيجازيكم بأعمالكم وفي هذا تشديد في العمل وتحذير عن الكسل والغفلة.
﴿واتقوا فتنة﴾ أي: ذنباً، قيل: هو إقرار المنكر بين أظهرهم، وقيل: افتراق الكلمة، وقيل: فتنة عذاباً، وقوله تعالى: ﴿لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ جواب الأمر، والمعنى إن إصابتكم لا تصب الظالمين منكم خاصة، ولكنها تعمكم، كما يحكى إنّ علماء بني إسرائيل لم ينهوا عن المنكر، فعمهم الله تعالى بالعذاب.
فإن قيل: كيف جاز أن تدخل النون المؤكدة في جواب الأمر؟ أجيب: بأنّ فيه معنى النهي كقولك: انزل عن الدابة لا تطرحك ولا تطرحنك، وكقوله تعالى: ﴿يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان﴾ (النمل، ١٨)
﴿واعلموا أنّ الله شديد العقاب﴾ لمن خالفه.
(١٦/٣٦)
---


الصفحة التالية
Icon