منها: إنّ الكلام الثاني يجري مجرى التفصيل للكلام الأوّل؛ لأن الكلام الأوّل فيه ذكر أخذهم، وفي الثاني ذكر إغراقهم وذلك تفصيل.
ومنها: أنه ذكر في الآية الأولى أنهم كفروا بآيات الله، وفي الآية الثانية أنهم كذبوا بآيات ربهم ففي الآية الثانية إشارة إلى أنهم كذبوا بها مع جحودهم لها وكفرهم بها.
ومنها: أنّ تكرير هذه القصة للتأكيد، ولما نيط به من الدلالة على كفران النعم بقوله: ﴿بآيات ربهم﴾ وبيان ما أخذ به آل فرعون.
ومنها: أنّ الأولى لسببية الكفر، والثانية لسببية التغيير، والنقمة بسبب تغييرهم ما بأنفسهم ﴿وكل﴾ أي: من الفرق المكذبة أو من غرقى القبط وقتلى قريش ﴿كانوا ظالمين﴾ أنفسهم بالكفر والمعاصي وغيرهم بالإضلال واضعين الآيات في غير موضعها وهم يظنون بأنفسهم العدل، ولما وصف تعالى كل الكفار بقوله تعالى: ﴿وكل كانوا ظالمين﴾ أفرد بعضهم بمزية في الشر والفساد فقال:
(١٦/٦٧)
---
﴿إنّ شرّ الدواب عند الله﴾ في حكمه وعلمه ﴿الذين كفروا﴾ أي: أصرّوا على الكفر ﴿فهم لا يؤمنون﴾ أي: لا يتوقع منهم إيمان وقوله تعالى:
﴿الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرّة﴾ بدل البعض من الذين كفروا، وهم يهود قريظة عاهدهم رسول الله ﷺ أن لا يمالئوا أي: يساعدوا عليه فنكثوا بأن أعانوا مشركي مكة بالسلاح، وقالوا: نسينا وأخطأنا ثم عاهدهم فنكثوا ومالؤوا معهم يوم الخندق وانطلق كعب بن الأشرف إلى أهل مكة فحالفهم، وإنما جعلهم الله تعالى شر الدواب؛ لأنّ شر الناس الكفار، وشر الكفار المصرون منهم وشر المصرين الناكثون العهود ﴿وهم لا يتقون﴾ الله في حذرهم.


الصفحة التالية
Icon