﴿إنّ الذين آمنوا﴾ أي: بالله ورسوله ﴿وهاجروا﴾ أي: وأوقعوا الهجرة من بلاد الشرك وهم المهاجرون الأوّلون هجروا أوطانهم وعشائرهم وأحبابهم حباً لله تعالى ولرسوله ﷺ ﴿وجاهدوا﴾ أي: وأوقعوا الجهاد وهو بذل الجهد في توهين الكفر ﴿بأموالهم﴾ وكانوا في غاية العزة في أوّل الأمر ﴿وأنفسهم﴾ بإقدامهم على القتال مع شدّة الأعداء وكثرتهم وقدم المال؛ لأنه سبب قيام النفس أي: بإنفاقهم لها في الجهاد وتضييع بعضها بالهجرة من الديار، والنخيل وغيرها، وأخر قوله تعالى: ﴿في سبيل الله﴾ لذلك، وفي سببية أي: جاهدوا بسببه حتى لا يصدّ عنه صاد، ويسهل المرور فيه من غير قاطع ﴿والذين آووا﴾ أي: من هاجر إليهم من النبيّ ﷺ وأصحابه، فأسكنوهم في ديارهم وقسموا لهم من أموالهم وعرضوا عليهم أن ينزلوا لهم عن بعض نسائهم ليتزوّجوهنّ ﴿ونصروا﴾ أي: الله ورسوله والمؤمنين وهم الأنصار رضي الله عنهم، حازوا هذين الوصفين الشريفين فكانوا في الذروة من هذين الجنسين ولكن المهاجرين الأوّلون أعلى منهم لسبقهم في الإيمان الذي هو رئيس الفضائل ولحملهم الأذى من الكفار زماناً طويلاً وصبرهم على فرقة الأهل والأوطان.@
(١٦/٨٤)
---


الصفحة التالية
Icon