وروي أن علياً رضي الله عنه خرج يوم النحر على بغلة بيضاء يريد الجبانة فجاءه رجل فأخذ بلجام دابته وسأله عن يوم الحج الأكبر فقال: يومك هذا فخل سبيلها، وقيل: يوم عرفة لقوله ﷺ «الحج عرفة»، وقيل: أيام منى كلها؛ لأنّ اليوم قد يطلق ويراد به الحين والزمان كقوله يوم صفين ويوم الجمل؛ لأنّ الحرب دامت في هذه الأيام ويطلق عليها يوم واحد. وقيل: هو الذي حج فيه رسول الله ﷺ لأنه اجتمع فيه حج المسلمين وعيد اليهود وعيد النصارى وعيد المشركين ولم يجتمع مثل ذلك قبله ولا بعده ووصف الحج بالأكبر؛ لأنّ العمرة تسمى الحج الأصغر، وإنما قيل لها الأصغر لنقصان أعمالها عن الحج. وقيل: وصف بذلك لموافقته حج النبيّ ﷺ حجة الوداع، وكان ذلك اليوم يوم الجمعة وودّع الناس فيه وخطبهم وعلمهم مناسكهم. وقيل: وصف بذلك لاجتماع أعياد الملل في ذلك اليوم. وقيل: لأنه ظهر فيه عز المسلمين وذل المشركين. وقوله تعالى: ﴿إنّ الله بريء من المشركين﴾ أي: من عهودهم فيه حذف تقديره وأذان من الله ورسوله بأنّ الله بريء من المشركين، وإنما حذف الجار لدلالة الكلام عليه. وقوله تعالى: ﴿ورسوله﴾ مرفوع على أنه مبتدأ حذف خبره أي: ورسوله.
كذلك وحكي أنّ أعرابياً سمع رجلاً يقرأ: ورسوله بالجرّ، فقال: إن كان الله بريء من رسوله فأنا منه بريء فلببه الرجل إلى عمر رضي الله عنه، فحكى الأعرابيّ الواقعة فحينئذٍ أمر عمر بتعليم العربية.
(١٦/٩٥)
---