﴿اشتروا﴾ أي: استبدلوا ﴿بآيات الله﴾ أي: القرآن ﴿ثمناً قليلاً﴾ أي: عرضاً يسيراً من الدنيا، وهو اتباع الأهواء والشهوات مع مصاحبة الكفر، وذلك أنّ أبا سفيان بن حرب أطعم حلفاءه وترك حلفاء النبيّ ﷺ فنقض العهد الذي بينهم بسبب تلك الأكلة ﴿فصدوا﴾ أي: فتسبب لهم ذلك وأداهم إلى أن صدوا ﴿عن سبيله﴾ أي: منعوا الناس من الدخول في دينه ﴿إنهم ساء﴾ أي: بئس ﴿ما كانوا يعملون﴾ أي: عملهم هذا، وما دل عليه قوله تعالى:
﴿لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة﴾ فهو تفسير لا تكرير، وقيل: الأوّل عام في المنافقين، وهذا خاص بالذين اشتروا وهم اليهود والأعراب الذين جمعهم أبو سفيان وأطعمهم. ﴿وأولئك﴾ أي: هؤلاء البعداء من كل خير ﴿هم المعتدون﴾ الذين تعدوا ما حد الله لهم في دينه وما يوجبه العقد والعهد.
ولما بيّن تعالى حال من لا يرقب في الله إلاً ولا ذمة وينقض العهد وينطوي على النفاق ويتعدّى ما حدّ الله تعالى له بين ما يصيرون به من أهل دينه بقوله تعالى:
(١٦/١٠٢)
---
﴿فإن تابوا﴾ أي: رجعوا عن الشرك إلى الإيمان وعن نقض العهد إلى الوفاء به ﴿وأقاموا الصلاة﴾ أي: المفروضة عليهم بجميع حدودها وأركانها ﴿وآتوا الزكاة﴾ المفروضة عليهم طيبة بها نفوسهم ﴿فإخوانكم﴾ أي: فهم إخوانكم ﴿في الدين﴾ لهم ما لكم وعليهم ما عليكم. وقوله تعالى: ﴿ونفصل الآيات لقوم يعلمون﴾ اعتراض للحث على تأمل ما فصل من أحكام المعاهدين وخصال التائبين.