﴿إنّ الذين آمنوا﴾ بالأنبياء من قبل ﴿والذين هادوا﴾ أي: اليهود سموا به لقولهم: إنا هدنا إليك أي: ملنا إليك، وقيل: لأنهم هادوا أي: تابوا من عبادة العجل وكأنهم سموا باسم أكبر أولاد يعقوب عليه الصلاة والسلام، وقال أبو عمرو بن العلاء: لأنهم يتهوّدون أي: يتحرّكون عند قراءة التوراة ويقولون: إنّ السموات والأرض تحرّكت حين آتى الله موسى التوراة ﴿والنصارى﴾ جمع نصراني كندامى، والياء في نصراني للمبالغة سموا بذلك لأنهم نصروا المسيح، ﴿قال الحواريون نحن أنصار الله﴾ (آل عمران، ٥٢) (الصف، ١٤).
فإن قيل: هذا ليس جارياً على قواعد الاشتقاق فإنه يقال للواحد: ناصر وفاعل لا يجمع على فعالى. أجيب: بأنّ ذلك كاف في الاشتقاق وإن لم يجمع المفرد على فعالى أو لأنهم كانوا معه في قرية يقال لها نصران أو ناصرة، فسموا باسمها على الأول أو من اسمها على الثاني ﴿والصابئين﴾ هم طائفة من النصارى، وقيل: من اليهود، وقيل: قوم بين النصارى والمجوس، وقيل: أصل دينهم دين نوح عليه الصلاة والسلام، وقيل: هم عبدة الملائكة أو الكواكب، وقرأ نافع وحده بالياء إمّا لأنه خفف الهمزة، أو لأنه من صبا إذا مال لأنهم مالوا عن سائر الأديان إلى دينهم، أو من الحق إلى الباطل، والباقون بالهمزة بعد الباء الموحدة ﴿من آمن با واليوم الآخر وعمل صالحاً﴾ أي: من كان منهم في دينه قبل أن ينسخ مصدّقاً بقلبه وبالمبدأ والمعاد عاملاً بمقتضى شرعه، وقيل: من آمن من هؤلاء الكفرة إيماناً خالصاً ودخل الاسلام دخولاً صادقاً ﴿فلهم أجرهم﴾ أي: ثواب أعمالهم ﴿عند ربهم﴾ بأن يدخلهم الجنة ﴿ولا خوف عليهم﴾ في الدنيا ﴿ولا هم يحزنون﴾ في الآخرة أو حين يخاف الكفار من العقاب ويحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب.
(١/١٤٤)
---


الصفحة التالية
Icon