تنبيه: أقام ﷺ بعد أن أوحي إليه بمكة ثلاث عشرة سنة، ثم هاجر فأقام بالمدينة عشر سنين، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة. قال النووي: ورد في عمره ﷺ ثلاث روايات: إحداها: أنه توفي ﷺ وهو ابن ستين سنة. والثانية: خمس وستون سنة. والثالثة: ثلاث وستون سنة، وهي أصحها وأشهرها، وتأوّلوا رواية ستين بأنَّ راويها اقتصر فيها على العقود، وترك الكسر، ورواية الخمس أيضاً متأوّلة، وحصل فيها اشتباه، ولما أقيمت الدلائل على أنّ هذا القرآن من عند الله وجب أن يقال: إنه ليس في الدنيا أحد أجهل ولا أظلم على نفسه من منكر ذلك كما قال تعالى: ﴿فمن﴾ أي: لا أحد ﴿أظلم ممن افترى﴾ أي: تعمد ﴿على الله كذبا﴾ أي: أيّ كذب كان من شريك أو ولد أو غير ذلك، وكأنّ الأصل مبنيّ على تقدير أن يكون هذا القرآن من عند الله، ولكنه وضع هذا الظاهر مكانه تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف ﴿أو كذب بآياته﴾ أي: دلائل توحيده فكفر بها كما فعلتم أنتم، وذلك من أعظم الكذب، وقوله تعالى: ﴿إنه﴾ أي: الشأن ﴿لا يفلح﴾ بوجه من الوجوه ﴿المجرمون﴾ أي: المشركون تأكيد لما سبق من هذين الوصفين
﴿ويعبدون﴾ أي: هؤلاء المشركون ﴿من دون الله﴾ أي: غيره ﴿ما لا يضرّهم﴾ أي: إن لم يعبدوه ﴿ولا ينفعهم﴾ أي: إن عبدوه، وهو الأصنام؛ لأنها حجارة وجماد لا تضرّ ولا تنفع، والكافرون قادرون على التصرف فيها تارة بالإصلاح وتارة بالإفساد، وإذا كان العابد أصلح حالاً من المعبود كانت العبادة باطلة؛ لأنّ العبادة أعظم أنواع التعظيم، فلا تليق إلا بمن يضرّ وينفع، بأن يثيب على الطاعة، ويعاقب على المعصية، وكان أهل الطائف يعبدون اللات، وأهل مكة يعبدون العزى ومناة وهبل وإسافا ونائلة. ﴿ويقولون هؤلاء﴾ أي: الأصنام التي نعبدها. ﴿شفعاؤنا عند الله﴾ ونظيره قوله تعالى إخباراً عنهم: ﴿ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾. (الزمر، ٣)
(٣/٢٢)
---


الصفحة التالية
Icon