﴿هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه﴾ أي: ليزول عنكم التعب والكلال فيه بما تقاسون في نهاركم من تعب التردد في المعاش ﴿والنهار مبصراً﴾ أي: مضيئاً تبصرون فيه مطالب أرزاقكم ومكاسبكم تنبيه على كمال قدرته وعظيم نعمته المتوحد هو بهما ليدلهم على تفرده باستحقاق العبادة. وإضافة الإبصار إلى النهار مع أنه يبصر فيه على طريق نقل الاسم من المسبب إلى السبب، كقولهم ليل نائم؛ لأنّ الليل سبب للسكون. قال قطرب: تقول العرب: أظلم الليل، أي: صار ذا ظلمة، وأضاء النهار، أي: صار ذا ضياء. ﴿إن في ذلك﴾ المذكور ﴿لآيات﴾ أي: دلالات على وحدانيته تعالى ﴿لقوم يسمعون﴾ سماع اعتبار وتدبر فيعلمون بذلك أنّ الذي خلق الأشياء كلها هو الإله المعبود المتفرد بالوحدانية في الوجود، ثم ذكر الله تعالى نوعاً من أباطيل الكفار بقوله تعالى:
﴿قالوا﴾ أي: اليهود والنصارى ومن زعم أنّ الملائكة بنات الله ﴿اتخذ الله ولداً﴾ قال الله تعالى: ﴿سبحانه﴾ أي: تنزيهاً له عن الولد ﴿هو الغنيّ﴾ عن كل أحد، وإنما يطلب الولد من يحتاج إليه، ثم بين تعالى غناه بقوله تعالى: ﴿له ما في السموات وما في الأرض﴾ من ناطق وصامت ملكاً وخلقاً، ولما بين تعالى بالدليل الواضح امتناع ما أضافوا إليه عطف بالإنكار والتوبيخ فقال: ﴿إن﴾ أي: ما ﴿عندكم من سلطان﴾ أي: حجة ﴿بهذا﴾ أي: الذي تقولونه، ثم بالغ تعالى في ذلك الإنكار عليهم بقوله تعالى: ﴿أتقولون على الله ما لا تعلمون﴾ حقيقته وصحته، وتضيفون إليه ما لا يجوز إضافته إليه تعالى جهلاً منكم، والاستفهام للتوبيخ.
(٣/٦٧)
---